فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 394 محور: تفكيك منظومة فرنسا
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
سينطلق الموسم الدراسي في المدارس الخاصة التونسية، وسينطلق معه موسم استهداف أطفالنا من طرف الأجهزة الفرنسية بتواطئ من السلط التونسية وسكوت من "كتاب الثورة" ومن الأحزاب والمنظمات ومن خطباء المساجد
سيبدأ ككل سنة موسم فرض تدريس البرامج الفرنسية على الأطفال التونسيين منذ مستوى الروضة
ستجد براعمنا الصغيرة أنفسها مجبرة على تعلم وفهم وحفظ محتويات دراسية موجهة لصياغة شخصيات الأطفال الفرنسيين تحببهم في فرنسا وتصورها لهم كقدوة، وسيضطر صغارنا ممن فرض عليهم دراسة البرامج الفرنسية، على تشرب كل تلك المعاني وسينتهي بهم الحال كأطفال الفرنسيين يحبون فرنسا كما يحبها الفرنسيون ويعتبرون فرنسا قدوة كما يعتقد الفرنسيون ويخدمون لغة فرنسا ويفضلونها كما يفعل الفرنسيون
سينتهي الأمر بصغارنا لمنبتّين، لأنهم لم يجدوا العون من ناسهم ولم يسعفهم أهلهم التونسيون فيستنقذونهم من هذا الغريق
سيضطر أبناؤنا على التنشئة على كره الذات وسيتحولون لمشاريع خَدَم ولواحق للأجنبي ولفرنسا تحديدا وسعاة للتمكين لمصالحها، وستكون دولتهم التونسية وأجهزتها هي المسؤولة الأولى أن سلمتهم ويسرت لهم ذلك المسلك الانبتاتي
لكن إضافة لذلك، ستكون الفواعل المفكرة والفواعل السياسية التونسية مسؤولة أيضا لأنها لم ترفض هذا السلوك الغريب المريب اذ نسلم أطفالنا لكي يفرض عليهم دراسة البرامج الفرنسية، ولم يطالب أحد بإيقاف هذا الإجراء ولاتناوله في مقالة أو في برنامج حزبي، ولم تصدر نقابة بيانا ولم تتكلم عنه جمعية أو منظمة من تلك الالاف التي تتكلم في كل شيء إلا في ما ينفع التونسيين
بل حتى أئمة الجمعة وخطبائها لم يتحدث أحد منهم يوما رفضا لهذا الفعل الشنيع المتواصل منذ ما قبل 2011
الكل يتجاهل مايقع من تسليم ابناءنا لتصيغهم وتشكل نفسياتهم وتصوراتهم دولة أجنبية
ولكي نفهم كون الأمر يمثل عينة مباشرة عن التحكم الفرنسي ومنظومتها في تونس، نتساءل هل يمكن للأجهزة المسؤولة التونسية أن تسمح لمدرسة خاصة أن تدرس برامجا تعليمية من صياغة إفغانستان أو إيران مثلا
بالطبع لن يحصل ذلك، فثبت إذن أن هناك قصدا من الأجهزة التونسية ومشاركة لتسليم ابناءنا لكي تتم صياغتهم على حسب المشيئة الفرنسية
وأن يتواصل هذا أمام أعيننا، هذا جرم يجب أن يتحمل مسؤوليته الفواعل المفكرة والفواعل السياسية (النخب)، أما عامة الناس والأولياء فهم ضحايا لايملكون القدرة على استيعاب الخطر من وراء هذه العملية كلها، وهم لاعتبار كونهم مخرجات واقع تصيغه عمليات تشكيل ذهني يتحكم فيه منتسبو منظومة فرنسا منذ عقود، فإنهم يتصورون تدريس البرامج الفرنسية أمرا إيجابيا، والضحية لايجب أن يتوقف عند رأيه فهؤلاء لا في العير لا في النفير كما يقال
وإنما اللوم يوجه للسلط وللفواعل التي قدمت نفسها لإدارة الشأن العام والتوعية به