فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 308 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الديموقراطية في بعض أبعادها، أداة تقنية تتحرك في المستوى التفصيلي التنفيذي، لكنها كمصطلح في تأسيسها تحمل ظلال المركزية العقدية الغربية التي أنتجتها (*)
لذلك علينا حين التعامل مع "الديموقراطية" القيام بعملية تشريح للمصطلح بحيث نفصل المستوى التقني المعني بإدارة الحكم الخلو من الأبعاد العقدية، عن المستوى الفكري العقدي الذي يروج للمنظومة المؤطرة في أبعادها الأخرى في ما هو غير طرق الحكم ك"الجندر" وزواج الأشباه وغيرها من الظواهر الوافدة مما يدخل في دلالات الديموقرطية بظلالها الغربية
وإن لم نفعل ذلك فإن تبني "الديموقراطية" بمختلف أبعادها أي القبول بها من دون استدراكات واعتراضات وتوضيحات، يمثل قبولا بحمولتها العقدية الثقيلة المغالبة، وهو الفعل الذي يحول "الديموقراطية" لأداة وظيفية للإلحاق والتسريع بتبني المجال المفاهيمي الغربي
--------------
غياب العمق الفكري لدى الفواعل السياسية يجعلهم لا يدركون مختلف مساحات مصطلح الديموقراطية وظلاله التاريخية العقدية ويفترضون أنه مفهوم ذو معاني تقنية محايدة، فيتهافتون عليه ويتنافسون في تبنيه ككتلة معاني ملغّمة، مما يدخلهم في عمليات مزايدة في تبني مختلف جوانب ذلك المصطلح بحيث نصل للقبول ببعض الممارسات التي مازالت تلقى الرفض لدى الغرب ذاته كاللواطيين وزواج الأشباه
هذا السلوك السياسي الخطير سببه التعامل مع المصطلحات كأنها ألفاظ سائبة من دون عمق فكري وعقدي (1)، ويزداد الأمر سوءا حينما نجد قيادات تنظيمات إسلامية تتعامل بهذه السطحية الفكرية وتقول بالديموقراطية على إطلاقها، مما يحول الحركة الإسلامية لمركب يستعمل للإلحاق بالمغالب العقدي وللإقناع بجدارة التبعية
هذه الإشكالية تمثل بعض أوجه أهمية البعد الفكري ونتائج غيابه في الفعل السياسي، وتؤكد أن السياسة مثل باقي المجالات كالاقتصاد والثقافة، ليست مساحات متناثرة بذاتها، وإنما هي وجوبا مشتقة ولاحقة لمركزية عقدية ما تعطيها المعاني وتوجهها، وأننا نتيجة هذا التصور لايمكن أن نلتقي مع مغالبينا العقديين في المفاهيم كالحرية والديموقراطية وغيرها، لأن المفهوم لامعنى له إلا داخل مجال مفاهيمي متجانس (2)
-------------------
(*) لا أتحدث عن الديموقراطية كمفهوم تاريخي يوناني وإنما عن الديموقراطية الحالية المتداولة، فهي منتوج غربي