فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 396 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا يستقيم ولا يمكن أن يلتقي أمران صلاح حالنا ووجود عقليات تتعامل مع ناس مثلها بألقاب: العالم، فضيلة الشيخ، العالم الرباني، العلامة، الداعية، مع ما يستتبعها من وهن نفسي وخضوع يجده هؤلاء الأتباع في أنفسهم، وذلك للاعتبارات التالية:
1- لايوجد مبرر موضوعي عقلي يقول بلزوم هذه الألقاب والتذلل المصاحب لها، فأن يكون أحدهم ذا اختصاص في الدين لايعطيه أي أفضلية كي يتلقى مقابلها هذا التبجيل، فالاختصاص في الدين كالاختصاص في اللغة أو الهندسة، إنما الناس تقدر للعمل بالعلم وليس لمطلق العلم، لكن مجرد المعرفة لاتعني علما وحتى العلم في حال توفره في شخص لايعني بالضرورة عملا به (1)
2- هذه الالقاب كلها من دون استثناء دال من غير مدلول، فهي مجرد صفات فضفاضة، حيث هؤلاء أفضلهم مختص في مسائل الدين وليس عالما، ولو جاز وصف كل مختص في أمر ما بالعالم لجاز القول عن مدرسي اللغة العربية مثلا وهم المختصون، علماء، ولأصبحت معاهدنا تعج بعشرات الالاف من العلماء
وأما لقب داعية فهذا وصف يحيل لنشاط غير ذي موضوع، لأن مشاكلنا حاليا ليست رفض الناس للاسلام حتى نقوم بدعوتهم إليه، وإنما مشاكلنا من نوع آخر
مشكلتنا الآن أن المسلمين تمنعهم منظومات الباطل القوية من تقوى الله، وهم يريدون من يستنقذهم منها ويوضح لهم كيف يتقون الله وليس دعوتهم لتقوى الله التي هم أساسا متفقون عليها
الناس تريد أن نعلمها كيف تواجه مفاعيل منظومات الإخضاع الذهني من تعليم وتثقيف واعلام التي تتحرك وتتغذى من المجال المفاهيمي الغربي، لكي يمكنهم تقوى الله، وهذا أمر ومهمة لايستطيعها أناس مازالوا يتعاملون مع الدعوة كما كان يتعامل قبل ألف عام ومازالوا يعتقدون أن الواقع تتحكم فيه إرادة الأفراد لوحدها كما كان زمن الفتوحات، ولايريدون أن يستوعبوا ولعلهم لايدركون أن الواقع حاليا تديره وتؤثر فيه منظومات توجيه وقصف ذهني تحول الفرد ذاته ضحية
3- كل تلك الألقاب (عالم، فضيلة الشيخ، ...) والإسراف في التبجيل دلالات صنمية وقابلية للخضوع الذهني للغير، الغريب أن هذا يحصل في الاسلام الذي أتى لكسر الصنميات وتحرير الناس، ثم تجد رغم ذلك أن هذا التذلل والوثنيات تتكون تحت ظل الاسلام وبتوظيفه، أي أن الإسلام يوظف للإبعاد عنه وخلق العبودية لغير الله ولصنع قطعان الإمعات بزعم ظاهر التدين
4- بملاحظة بسيطة نجد أن عموم هؤلاء الذين يعلى من شأنهم مجرد وظيفيين لدى سادة الواقع، يكرسون الموجود الفاسد ويعملون على المحافظة عليه والاقناع به إما مباشرة من خلال خدمتهم الحكام الظلمة الفاسدين، وإما ضمنيا من خلال تجاهلهم الواقع وقضاياه واغراق ملايين المتابعين في بديهيات من نوع الاستغفار وبر الوالدين وفضل قراءة القرآن وغيرها، مقابل عدم ذكرهم الواقع في مستوى أسسه الفكرية ومواضيع التبعية للغرب ومغالبة المركزيات العقدية
لكي تتأكد خذ أكثر من تعرفهم ممن يسمى علماء ربانيين وكبار العلماء أو اتحاد علماء المسلمين، ستجدهم في صلة ما بحاكم إما بآل سعود أو بملك المغرب يحضرون "مجالسه الحسينية"، أو في صلة بحاكم قطر أو الامارات أو غيرهم في إحدى البلدان الأخرى
---------
(1) للتعمق في مسألة علاقة العلم بالعمل، يمكن الإطلاع على: بورقيبة والزيتونيون والتبعية لفرنسا: حقل الأصنام
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=9975