فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 456 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعتقد غالب الناس أن الاختلاف بين الأفراد له دافع واحد وهو التنازع بسبب المحتوى موضوع النقاش
أي يختلفون لأن بعضهم يحب الطقس الحار والآخر يكره ذلك الطقس، وبعضهم يحب أكل التمر والآخر لايستلذه، وبعضهم يحب التبعية للغرب والآخر يرفض ذلك
هذا النوع من الاختلاف يدور حول جعل الموضوع ثابتا والرأي حوله هو المتغير، في هذه الحالة هناك اتفاق على المعنى ومحتوى الموجود، والاختلاف يقع في تقييمه، فهو تنازع لاحق زمنيا عن موضوعه
بينما هناك سبب آخر لقدر كبير من الاختلافات، وهو الاختلاف حول وبسبب زاوية النظر للموجود والموضوع
فالتي تلبس الحجاب تعامل كمسلمة ملتزمة في عامة بلاد المسلمين ولكنها بنفس اللباس وبسببه عوملت كذات زي طائفي زمن حكم بورقيبة وبن علي وتعامل كخطر على "قيم الجمهورية الفرنسية" الآن في فرنسا
والذي رفع السلاح ضد الأمريكان لما دخلوا العراق اعتبرهم العراقيون مقاومة، بينما اعتبرهم الأمريكان وعموم اتباعهم ارهابيين
في هذه الحالة الثانية من الاختلاف، نلاحظ أن الأمر يتعلق باختلاف سببه عدم اتفاق حول الاطار الفكري والعقدي والذاتي لتقييم الموضوع
لكن لو تعمقنا لوجدنا أن هذا الاختلاف حقيقته أنه لا يوجد اتفاق على ماهية المساحة المراد تقييمها، أي هناك اختلاف حول الموضوع، لأن اختلاف زاوية النظر يؤدي لاختلاف في المساحة المتناولة في التقييم
فالذي يرفض الحجاب يأخذ بعده الثقافي المروج لمرجعية عقدية بالمجال العام فهو يرفض الحجاب بسبب ذلك البعد الترويجي، أي أنه حقيقة يرفض ذلك التفصيل من الحجاب، لكن هذا البعد تحديدا يصر المساند للحجاب على عدم نقاشه لأنه يعتبر ذلك حقا له
والذي يرفض عمليات المقاومة بزعم أنها ارهاب فسببه أنه يأخذ فعل قتل جندي أمريكي ويرفض حقيقة أن ذلك الامريكي كان محتلا للعراق حين قتله، فهنا انتقائية للموضوع
هنا نجد أن اختلاف زوايا النظر للموضوع ينتج تناولا تجزيئيا سيكون حتما قاصرا عن الاحاطة بكل المساحة، فهو تناول غير كامل ولايحيط بالموضوع في شموليته
إذن نصل لكون الاختلافات نسبة للموضوع ترجع لنوعين:
1- اتفاق حول الموضوع مع اختلاف في تقييمه، فهذا اختلاف بسبب الموضوع، وهو اختلاف لاحق زمنيا عن الموجود
2- عدم اتفاق حول الموضوع أساسا مع اختلاف في ماهيته وحدوده، فهذا اختلاف حول الموضوع، وهو اختلاف سابق زمنيا عن الموجود لأنه سعي للاحاطة به
الآن لو نظرنا لهذين النوعين من الاختلافات من زاوية جدلية المفهوم والمعنى (1)، لأمكننا قول التالي:
- الاختلافات حول تقييم الموضوع مع الاتفاق على حدوده، تمثل تنازعا في مساحة مجال مفاهيمي متجانس، فهو تنازع مع اتفاق في المفاهيم ومعانيها
- الاختلافات في زاوية النظر، هذا يعني اختلافا في معاني المفاهيم أي لايوجد اشتراك في مساحة المعاني أي لايوجد اشتراك في مجال مفاهيمي واحد، لذلك وقع اختلاف حول الحجاب وحول المقاومة لان هذه مواضيع لايتفق فيها الا داخل مجال مفاهيمي متجانس
------------
(1) يحسن الاطلاع على عشرات المقالات لي حول جدلية المفهوم والمعنى، بمحور "مقالات في المعنى"، بموقع بوابتي