فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 369 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يمكن ملاحظة ما يمكن أن أسميه وعي الاثارة لدى شريحة كبيرة من الناس تتحرك وتتغذى من المساحة المثيرة من الواقع، ويمكن ملاحظة وجود علاقة بين زيادة إقبال هؤلاء على المحتويات الغرائبية وبين ضعف المحتوى التفكيري في اهتماماتهم، فكلما تعاظم الإقبال على أخبار القتل والإغتصاب والفضائح عموما كلما كان ذاك دليلا على ضعف الممكنات التفكيرية في تناولهم
- يلاحظ أن الاقبال على الغرائبية في أحداث الواقع لدى هؤلاء يوجد كذلك في مستوى تدينهم، حيث إن هؤلاء يفضلون الجوانب الاسطورية من التدين كالاولياء الصالحين ويولعون بقصص الشياطين والدجال والجان
- هذا النوع من الوعي يمكن ملاحظة عيناته في الواقع حيث سرعان ما يتجمع هؤلاء في مجموعات تتطلع للتثبت في أقل أمر يقع بالطريق كخلاف بين أشخاص أو حادث سيارة بسيط، حيث يتدافعون لمعرفة التفاصيل كأنهم صبية يشاهدون ذلك لأول مرة
- هؤلاء لديهم نوع من الجوع الغريب للاستزادة التي لا تشبع من الاثارة والاحداث والاساطير، لذلك تجدهم يتتبعون قصص وأخبار القتل والفضائح ويروونها، بلذة غريبة
- هذا الصنف من البشر، يتميزون بالاقبال على الخيال والعوالم الإفتراضية التي تقدمها المسلسلات التلفزية، ولا ادري هل تلك الاعمال التلفزية هي بعض السبب لحالهم المرضي أم هو ذاته نتيجة لأسباب اخرى
- تضخم الاهتمام بالخبر المثير يكون لدى هؤلاء بمحورية تدور حول مادة سطحية مثيرة تتحرك في مساحة غير مساحة التفكير والعقل، إنها مجال المحتوى الجاهز المخدر الذي يشغل الاهتمام كأنه يلبي رغبة في التعامل مع الواقع الطاغي، حيث تعمل الاساطير والاحداث كتعويض للفرد عما يلقاه من متاعب في الحياة، وتمثل له تلك الاحداث وفضائح الغير نوعا من العزاء والراحة النفسية
القصص والغرائبيات تجعل الفرد يعيش عالما متخيلا يبدو له أفظع مما يلقاه هو من صعاب واقعا، فينتهي به الأمر للراحة لانه في وضع أفضل من غيره
ولان وضع الراحة المتوهمة يجلب السكون فانه لا يريد مغادرته ويكون ذلك من خلال الاكثار من الغرائبيات وفضائح الغير ومشاكلهم وتتبعها ليتواصل سلامه الداخلي المغشوش
هؤلاء هم الجزء الاكبر من الناس، وهؤلاء لا يجد العقل والتفكير عموما الطريق إليهم، وهؤلاء طعم يسهل التحكم فيه من طرف منظومات التشكيل الذهني، وهم مادة الحكام والمستبدين والانقلابيين، يساندون كل متغلب لأن آليات الفهم لديهم تكاد تكون منعدمة فيصدقون كل كلام يقال، ويجب القول أن هؤلاء يتوزعون تعليميا بين الأميين ممن لم يدرس وبين أصحاب التعليم العالي