يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كل من له إطلاع متوسط على تاريخ الانظمة والمعارضات والانقلابات، سيعرف أن ما وقع بتونس خلال العشرية الفائتة من تعطيلات قامت بها "الثورة المضادة" بما في ذلك الاغتيالات والاعمال الارهابية، لا يعتبر شيئا كبيرا مقارنة مع ما حصل في تجارب حكم اخرى
اقرؤوا ماذا حدث من اغتيالات وانقلابات واعدامات ومؤامرات بالعراق منذ قتل الملك فيصل وصولا لفترة حكم صدام حسين الذي عزل "البكر" والتي دشنها بقافلة اعدامات رفاقة البعثيين في حادثة قاعة "الخلد" الشهيرة، لتعاملهم مع البعث السوري المنافس، من دون ان نتحدث عن المؤامرات التي تعرض لها حكم "البعث" من الشيوعيين رفاقهم السابقين وحزب الدعوة الشيعي والاخوان والمخابرات الاجنبية
حكم حافظ الاسد لايقل مواجهات رهيبة مع معارضيه المحليين القوميين والشيوعيين ثم الاخوان ثم من طرف الاعداء الاقليميين
ليبيا القذافي كذلك لاتبعد عن هؤلاء
ملك الاردن السابق لو تعرفون ماذا واجه من محاولات انقلاب نجح في السيطرة عليها واهمها المعارك مع الفصائل الفلسطينية، ستستغربون
الحكم في المغرب فترة الملك السابق الحسن الثاني، لو قرأتم الانقلابات التي تصدى لها ونجح في افشالها ستندهشون، لدرجة ان ذلك الملك كان في فترة معينة لايدخل المسبح بقصوره خوفا من ان يغتال ويظهر عاريا امام الناس، اي لشدة تحول حياته لساحة مواجهات مع الاعداء ورغم ذلك لم يرضخ ويسلم
مااردت قوله أن ماتعرضت له الانظمة تلك ويتعرض له كل نظام حاكم من مؤامرات، ببعض الزوايا، أمر طبيعي ويدخل في ادارة السلطة ومقتضياتها
وقياسا لتلك التجارب فإن ما حصل بتونس العشرية الفارطة وعكس ما يزعم ويهول، لا يمثل اي شىء، وهو سيكون "لعب ذرّي"، كان سيتكفل بادارته ضابط مخابرات ذو رتبة متوسطة ممن يعمل تحت حكم صدام او حافظ الاسد او الملك حسين او الملك الحسن الثاني
إذن ضياع تجربة الحكم خلال العشرية الفائتة ليس بسبب قوة المؤامرة غير الطبيعية كما يروج، وانما بسبب العجز غير الطبيعي لدى من حكموا
تفسير هذا العجز انه وقع استهداف النواة التي لها امكانية الفعل وهي الحركة الاسلامية فتم "إخصاء" قياداتها من خلال طرق عديدة، انتهت بهم لمكونات منكسرة نفسيا تنافس منتسبي منظومة فرنسا على الاقناع بالتبعية للمركزية الغربية ومهمومة في كل انشطتها بطلب رضا الغير المغالب لها
كانت عملية الاخصاء التي استهدفت الرموز التي وقع تصعيدها لعقود وصورت كقدوات، شديدة، لدرجة انها شلت الجسم الاسلامي على الفعل، حتى في مستوياته البسيطة وهي الدفاع عن النفس، فتحول الجسم الكبير لكتلة سرعان ما تعفنت ومصداق ذلك أن لا أحد من داخل ذلك الجسم انتبه لذلك التحلل وحالة السوء التي بلغها
تحولت القيادة المخصية التي زرعت في قلب الجسم الكبير كأنها مخدرات دورها تفتيت الجهد والتثبيط والاقناع بالركون والسكون تحت مزاعم كثيرة
في الأثناء ضاعت فرصة قَوْمة كانت في أيدينا، ويلزمنا الان دورة زمنية أخرى لايعرف كم سيكون مقدارها من السنوات، دورة ومدة كافية لإنبات زرع آخر يكون خلوّا من نبت الزقوم ويكون فيه ذُكّار ولقاح سليم