فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 444 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وجدت بعضهم يكتب حول ذكرى تأسيس حركة "الإتجاه الاسلامي"، ثم وصل بهم الحديث لنقاش مسألة الدعوي والسياسي وأن هذا التفريق وعدمه بعض سبب المحن
كنت أعتقد أن هذين المصطلحين حين ظهورهما مجرد كلام سائب يراد به السياسة ولا قيمة دلالية له، ولم أكن أعرف أن الناس ولنقل مفكري الحركة الاسلامية يأخذون هذه التقسيمات محمل الجد، حتى وجدتهم يعتمدونها في نقاشاتهم ويبنون كلامهم تبعا لمواقفهم من "الدعوي" و"السياسي"
الدعوي والسياسي كمجالين منفصلين تقسيم يصدر من تصور للدين أنه ممارسة فردية، أي فهم للدين بالمعاني المغالبة لنا، لك أن تقول أنه فهم بظلال مسيحية أو علمانية أو ما تريد
مفهوم الدين في الاسلام ليس كمفهومه لدى المغالبين العقديين الدائرين في أفق المركزية الغربية وهم عموم من يسمون علميانيين أو غيرهم ومن أسميهم أنا منتسبي منظومة فرنسا
الاسلام ليس فيه هذه التفريقات، الدين في الاسلام كلّ متحد والدين في الاسلام يتلبس كل أنشطة الفرد
الدين في الاسلام ليس نشاطا تعبديا فرديا كما يصر منتسبو المركزية الغربية، الاسلام لدينا أكثر من فعل تعبدي فردي، الدين لدينا يمثل مركزية عقدية يوازي المركزية الغربية التي تضخ المفاهيم والمعاني، فالإسلام منظومة عقدية فكرية تؤطر مفاهيمه ومعانيه كل أبعاد حياة الفرد
فالاقتصاد في الاسلام يدور حسب مفاهيم الدين مثلما أن الاقتصاد في الغرب يصمم حسب تحديدات فكرية غربية، والثقافة في الاسلام تدور حسب مايقول الدين مثلما أن الثقافة في الغرب تنمو حسب تأطيرات مفكري الغرب، والسياسة في الاسلام تدور كما يقول الدين مثلما أن السياسة في الغرب تدور حسب تحديدات فكرية لديهم
فلا يمكن أن يوجد فصل بين مجالات الحياة في الاسلام وبين السياسة أو غير السياسة، هذا فساد تصوري لعمل المركزية الإسلامية
لذلك فإن تعبيرات من نوع الفصل بين كذا وكذا ومنها الفصل بين الدعوي والسياسي، هذا تركيب فاسد منطقيا لايصح في منظور الإسلام كمركزية عقدية
ومن يعتمد هذه التعابير فهو يتحرك بمعاني الاسلام كبعد تعبد فردي فقط وهو ما أسميه إسلام الثقافة، وليس لمثل هذا إذن أن يدعي حمله للمشروع الاسلامي الذي شرطه الأول هو إسلام العقيدة أي المركزية العقدية الضابطة لكل الحياة (1)
لذلك كم مرة كتبت أن علينا أن نحرر معاني المفاهيم من إلزامات المعاني التي يسقطها الدائرون في المركزية الغريبة
مغالبونا منتسبو منظومة فرنسا، يعتمدون مسطرة غربية بمجالها المفاهيمي وظلالها المشحونة بفهم ضيق للدين، ثم يريدون فرض كل ذلك علينا وإخضاعنا لتصوراتهم
المؤسف أنك تجد منا من يقبل بهذه المفاهيم ومعانيها وتحديداتها
----------------
(1) الاسلام أقسمه منهجيا لإسلام العقيدة وإسلام الهوية وإسلام الثقافة، واعلاها هو إسلام العقيدة (الغائب حاليا)، وهو المادة اللازمة لوجود المركزية العقدية
ينظر لكتاباتي السابقة بغرض المزيد حول هذه المفاهيم، في موقع بوابتي في المحاور التالية: تفكيك منظومة فرنسا، مقالات في المعنى، المفكر التابع