يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعترضني كل مرة كتابات تبدو بليغة من حيث صياغاتها، وهي في عمومها كتابات وأقوال قديمة لأبي نواس وغيره، تدور في معاني الاعتراف بالذنب ولكن أصحابها يقومون ببهلوانيات لغوية بحيث تبدو صياغاتهم مبهرة، فيقولون مثلا أنهم يعترفون بالذنوب الكثيرة لكن عفو الله ورحمته أكبر، بالمقابل هم لايقولون لنا كيف وصلوا لهذه الخلاصة، ومن أين لهم هذه الموازنة وحتى لو صحت، فمن قال أنها تصح في المطلق
ويقول آخر في صياغة بليغة، أنه في حاجة لعفو الله وأن الله ليس في حاجة لعذابه لذلك ينتظر الجزاء الحسن رغم أفاعيله التي يعترف بها
وهو كما يبدو يعتقد إفحامنا بهذا التركيب المتحذلق، كأنه قيل له أن مجازاة الفعل تقع بسبب حاجة الله لذلك، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
هذه كتابات تتعامل مع خالق الكون جل في علاه، مثلما كان يُتعامل مع أحد الخلفاء التافهين من أولئك المهووسين بمجالس السفه حيث يتبارى الحضور في فن البلاغة وصنعة الكلام، ويجازبهم الخليفة على حسب بلاغتهم
وهي أقوال تفترض أن منظومة الاسلام وأحكام خالق الكون لاترتكز على ترتيبات سببية ومعللة عقليا، وإنما صاحبها يرى أنه يكفي فيها بعض التحيّل اللغوي والفصاحة للتملص منها
وهي بالتالي سلوكيات متحذلقة قد تصلح مع بشر، لكنها لاتليق مع خالق الكون وأحكامه في إمضاء شؤون دينه من منهيات وواجبات، وهي لا تليق حتى بالمزاح لأن ذلك سوء أدب مع الله