فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 602 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
التعامل مع الأشخاص يتم من خلال صفاتهم، فهذا جيد وهذا سيىء، وهذا مناضل وهذا خائن وهذا كريم وهذا بخيل
اعتماد صفات الفرد (1) كعامل للتقييم يعني أن محور التمييز هو الصفة تلك حيث الفرد مرتبط في نتيجة التقييم بتلك الصفة
إذن فهم الصفة في مستوى دلالتها وطريق نشأتها وتغيرها مسألة هامة تؤثر في جدارة إطلاق الصفة على الفرد
يمكن القول أن هناك علاقة بين الفرد وبين الصفة التي تلصق به، وهذه العلاقة يمكن النظر إليها من زوايا عديدة
- فعلاقة الصفة بالفرد علاقة زمنية، أي أن تلك الصفة تتغير في الاتجاهين زيادة ونقصانا نسبة لتغير الزمن
- وعلاقة الصفة بالفرد علاقة دائرية ذاتية أو علاقة خارجية، وسيقع توضيح هذا المعنى
- وعلاقة الصفة بالفرد علاقة قبلية أو بعدية وسيقع توضيح هذا لاحقا
---------
يمكن تقسيم الصفات الفردية نسبة للزمن، فمنها مايتغير حسب قانون معين نسبة للزمن ومنها الذي يتغير حسب قانون آخر
صحيح ان كل شيئ يتغير نسبة للزمن، لكن محور التغير عامل آخر غير الزمن وهذا ما أقصده بعدم التغير نسبة للزمن
1- تغير الصفات حسب قانون غير زمني
1-1 الصفات يمكن أن تكون مرتبطة في نشأتها بنفس الفرد، فالكرم والشجاعة و ومضاداتها البخل والجبن صفات ذاتية وتنميتها تخضع لصفات أخرى ذاتية متوفرة أو منعدمة لدى الفرد
فهذه الصفات في نشأتها تتبع مسارا دائريا، أي أنها تنطلق من صفات لدى الفرد لتنمي صفة أخرى لدى نفس الفرد
يقابل هذه المحورية في الصفات، أخرى تنشأ من خارج الفرد و إن كانت تؤثر فيه، مثلا كفاءة التعلم والزراعة وغيرها من الأعمال، صفة نشأت في منطلقها من خارج الفرد ثم تفاعلت مع صفات أخرى لديه وأصبحت صفة تلحقه ومرتبطة به
1-2 الصفة يمكن أن تكون قبلية أو بعدية نسبة للفرد، أي أن الفرد يوجد ابتداء بصفات تتعلق بخلقته فهو طويل أو قصير ولون عينينه كذا وشعره بذلك التجعد، فهذه صفات قبل أن يدخل الفرد في أي علاقة مع المحيط الخارجي تنتج صفات أخرى
إذن الصفات منها الذي يوجد قبل تكوين العلاقات مع المحيط ومنها الذي يأتي بعدها
1-3 الصفة يمكن أن تكون مادية أو لامادية، فالطول والوزن صفات مادية، والكرم والذكاء والتخاذل صفات لامادية
----------
2- تغير الصفات حسب قانون زمني خطي
أرى أن كل صفات الفرد مادية أو لامادية تتغير نسبة للزمن باستثناء هوية الفرد اللامادية أي اسمه ومعرفه ووجوده ككائن بشري
حتى الصفات اللامادية القبلية كالكرم والشجاعة وغيرها فإنها تتأثر بعوامل أخرى نسبة للزمن، وهي ما تسمى ظروف الواقع
لسبب ما يعتقد الكثير أن الصفات التي تلحق بالفرد تنمو معه تصاعديا نسبة للزمن، فالذي اتخذ ذات مرة موقفا متميزا فإنه سيتخذ دائما نفس الموقف، والذي ناضل ذات مرة سيبقى دوما مناضلا والذي تخاذل مرة سيبقى دوما متخاذلا
الحقيقة أن الصفات لا تنمو دائما بهذه الطريقة الخطية التصاعدية نسبة للزمن، و إنما توجد قوانين عديدة لتغير الصفات نسبة للزمن
2-1 صفات تنمو بقانون تصاعدي نسبة للزمن
عمر الانسان ينمو تصاعديا نسبة للزمن، وهو أوضح مثال لهذا القانون، النمو التصاعدي يعني كلما زاد الزمن زادت معه صفة العمر أي قيمته في حالتنا
يمكن وجود صفات أخرى تتبع هذا القانون منها صفة الخبرة التي تزداد تصاعديا نسبة لتزايد الزمن
كما يمكن القول أن العلم والتحصيل الدراسي يتبع أيضا هذا القانون
ولو قمنا بنمذجة رياضية، ولنرمز للصفة ب: (ص) والزمن ب: (ز) وعامل الصفة لنسمه (ع) أي قوة حضور الصفة في أول وجودها، فإن الصيغة الرياضية للصفة تكون العامل (ع) مضروبا في قيمة الزمن (ز):
ص=ع*ز
2-1 صفات تنمو بقانون عكس تصاعدي نسبة للزمن
يمكن القول أن صحة الفرد تتدهور عموما كلما زاد عمره، ويمكن أيضا افتراض أن جمال المرأة عادة ينقص كلما زاد عمرها، وجهل الفرد ينقص بزيادة الزمن وطيشه ينقص بزيادة الزمن وغيرها من الصفات
ولو قمنا بنمذجة رياضية، ولنرمز للصفة ب: (ص) والزمن ب: (ز) وعامل الصفة لنسمه (ع) أي قوة حضور الصفة في أول وجودها، فإن الصيغة الرياضية للصفة تكون العامل (ع) مقسوما على قيمة الزمن (ز):
ص=ع/ز
-----------
3- تغير الصفات حسب قانون زمني غير خطي
ماكنت أقوله من قبل حول نمو الصفات نسبة للزمن، فيه تجوّز وافتراض أن الصفة تتحرك بطريقة خطية أي إن حدثت فإنها تواصل التحرك في نفس الاتجاه من دون تعرجات، وهذا يصعب وجوده لدى الفرد واقعا، و إنما ماقدمته هو مجرد نمذجه للإتجاه الغالب أي ملمح نمو الصفة، و إلا فإن صفات الفرد لا تتبع دائما مسارا خطيا، ومايلي بعض القوانين الأخرى لنمو صفات الفرد
3-1 نمو الصفة بقانون دوري نسبة للزمن
كل فترة زمنية تتغير إحدى صفات الفرد، ولكنه تغير دائم على نفس القيمة الدورية الزمنية ومدى التتابع، فهذه صفة متغيرة بطريقة دورية زمنية
يمكن أن نقول عن حالة المرأة النفسية حين العادة الشهرية أنها من هذه الصيغة الرياضية من الصفات
بعض صفات البدن تتغير طريقة دورية زمنية، فشعر الفرد يطول ويقصر بطريقة دورية
وعضويتك في تلك المنظمة التي تخول لك أن توصف بكذا وكذا تقع بصفة دورية بعد أن تجدد كل مرة اشتراكك
ولو قمنا بنمذجة رياضية، ولنرمز للصفة ب: (ص) والزمن ب: (ز) وعامل الصفة لنسمه (ع) أي قوة حضور الصفة في أول وجودها، فإن الصيغة الرياضية يمكن أن تكون بعديد الصيغ والأقرب للتبسيط تكون عاملا مضروبا في دالة الجيب (sinus) التي تعطي التحرك الدوري
إذن الصيغة الرياضية الأبسط للصفة يمكن أن تكون
العامل (ع) مضروبا في جيب (ز):
ص=ع* جيب(ز)
3-2 نمو الصفة بقانون أسّي نسبة للزمن
أنا أرى أن أي صفة فردية تتعلق بالفكر والتصورات، تنمو وجوبا نموا أسّيا (exponentielle)، وقد وضحت هذا في بحوث سابقة (2)
للتذكير فإن النمو الاسّي هو التغير المتضخم نسبة لنمو زمني صغير، وهو نمو يتبع متتالية هندسية
فصفة العلم تنمو حسب متتالية هندسية أسّية، فعلمك اليوم يتضاعف ليس بطريقة خطية بطئية و إنما ينمو سريعا، ومهاراتك المتعلقة بالمعارف اللامادية من أدب وتقنيات تنمو حسب متتالية هندسية وليس حسب نمو خطي بسيط
بل يمكن القول أن التجارب و "الحكمة" تنمو حسب هذه المتتالية، وقوة هذه الصيغة الرياضية تتأتي من كون ماتحصّله من معارف يصبح ذاته منتجا ومولدا لمعارف أخرى وهكذا يتنامي المحصول المعرفي سريعا
----------
إذن كخلاصة، أردت أن أبين فساد التصور الذي يتعامل مع الناس أن صفاتهم ثابتة حسب الزمن، و أردت القول أن مسألة تعلق الصفات بالفرد موضوع معقد وليس بالتسطيح الذي يتناول به
----------
(1) استعمل الفرد بمعنى الإنسان، و إلا فالفرد ليس بالضرور إنسانا
(2) ينظر : في فهم الربط المادي واللامادي بفرنسا
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=9965