مشاكلنا ليست غياب الطاقات والتضحيات، غياب المشروع الفكري هو سبب دوراننا في نفس المكان منذ عقود
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 733 محور: تفكيك منظومة فرنسا
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم تكن يوما مشاكلنا التخلف عن المواجهة أو الاستجابة لدعوات التحرك، كان هناك دوما تونسيون بأعداد ما، تكفي لإطلاق المواجهات مع المحتل الفرنسي وكان هناك تونسيون في المواجهات مع بورقيبة وكانت هناك أعداد أكبر منهم حين المواجهات مع بن علي
وكان هناك تونسيون كُثُر بما يكفي في الدعوات التي كانت تطلق كل مرة للتصدي للانقلاب
إذن لم تكن مشكلتنا يوما في مستوى الطاقة البشرية ولا في انعدام أصحاب الإرادة ذوي القابلية للتضحية
مشكلتنا كانت ومازالت الفكرة الضابطة
مشكلتنا كانت غياب مشروع فكري يؤطر تلك الطاقات ويوجهها ويثمن تضحياتها
غياب الفكرة الواضحة والمشروع الفكري يجعل الطاقات تلك تذهب خسارا ولايستفاد منها
إذن علينا قبل أن ندعو للتحرك ضد الانقلاب، أن نبحث في محتوى ما ندعو الناس أن تتحرك من أجله، ثم النظر في جدارة وتفصيل محتويات التحرك، ثم إعادة النظر في ذلك المحتوى إن تبين فراغه من مشروع فكري، وإلا فسنبقى نعيد أخطاءنا ونخسر طاقاتنا
---------------------
ما يمكن النظر فيه وجهة النظر التي أقدمها، والمتمركزة حول مفهوم المركزية العقدية والمجال المفاهيمي:
الواقع التونسي تشقه وتتنازعه مركزيتان عقديتان، وكل منها تنتج مجالا مفاهيميا، مما يعني أن واقعنا في مستوى فواعله المفكرة (النخب) ليس متجانسا وأن الفواعل المفكرة ستكون حتما مختلفة ومتنازعة حول المفاهيم وعلى التوجهات وعلى الغرض من أي فعل موضوعه الواقع
ذلك يعني أنه يجب إعادة النظر في أسس الواقع المتكون منذ انتصاب المركزية العقدية الغربية رسميا كمؤطر لتونس أي منذ حكم منظومة فرنسا رسميا تونس أي منذ حكم بورقيبة
لا معنى لأي عمل يريد الثورة والتغيير عموما مادام يقبل بالواقع في أسسه الأولى، أي يفترض صوابية الإطار والبناء المفاهيمي الموجود المؤسس والذي يعتمد حاليا كمرجع في أدوات تشكيل الاذهان من تعليم وتثقيف وإعلام، لأنه بناء يتحرك في أفق مركزية غربية، والقبول به يعني أنك تقبل بأن تظلّك المركزية الغربية ومجالها المفاهيمي
إذن علينا العمل أولا على تفكيك أسس البناء الفكري المؤطر لتونس قبل أن ننجز أي عمل تغييري أو أن نتحرك لتغيير الواقع بهذه الضمنية أي التحرك بغرض هدم أسس الواقع وليس تغيير بعض مكوناته التقنية فقط (اسقاط واستبعاد مكونات سياسية فقط)، وإلا فإن أي فعل سينتهي لتكريس الواقع وسيكون خراجه في أيدي منتسبي منظومة فرنسا، وستكون أي أعمال تغيير ذات دور شكلي أي أنها تغييرات في الأدوات والمحتوى التقني من دون مساس بالأساس