القدرة على الفعل والعجز عنه تصورات ذهنية مفترضة وليست حقيقية، ووجوب تغيير المركزية العقدية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 569 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حينما يقول أحدهم أنه عاجز عن فعل ما، فهو يقوم بتقرير ذهني حول أمر لم يقع وإنما هو نظر في احتمالية نجاح انجاز الفعل ونتيجتها التي رجحت العجز
أحكام العجز والقدرة إذن سابقة عن الفعل موضوع التقييم والحكم، ولاترتبط بموضوعها إلا بعلاقة احتمالية الانجاز
التقييم الذي ينتج احتمالية الفعل والعجز عملية ذاتية حتى وإن استعملت أدوات موضوعية و أخذت بعين الاعتبار الواقع الموضوعي وشروطه، لأن التقييم يمثل فهم تلك العوامل والنظر في أثرها من زاوية الشخص صاحب التقييم
دليل ذلك أن نفس الواقع ونفس المشكل بنفس الواقع تختلف فيه القدرة على الإنجاز بين فردين لهما نفس القدرات الموضوعية الذاتية يعني مثلا المستوى العلمي والبدني والمادي، ذلك يعني أنه يوجد اعتبار ذاتي لامادي هو المتعلق والمؤثر في باقي العوامل
أي أن العامل الذاتي والمقصود به اللامادي، هو الأكبر وهو عامل يقوم مقام عامل الإلغاء في الضرب المنطقي، أي إن توفر يمكن النظر في باقي العوامل وإن لم يتوفر صارت كل عناصر القدرة الاخرى لاغية ولاقيمة لها وإن كانت كلها متوفرة
لكن العامل الذاتي له تعلق بالتصورات وليس بالقدرات المادية، أي بتقييم الواقع وتأثيراته، وهذه عوامل تخضع في سياق نموها للمجال المفاهيمي المؤطر للواقع الذي يتحرك فيه الفرد
أي أن المفاهيم السائدة بالواقع التي تقول بجدارة ذلك الفعل وعدم أهمية غيره وتعلي من قيمة أفعال معينة وتخيب وتسفه أخرى ، هي التي تؤثر في امكانية القبول والإقبال على انجاز فعل ما أو لا
إذن لما كان المجال المفاهيمي هو المؤثر في تصورات الناس ولما كانت الأفعال في مستواها التصوري تخضع لمحفزات غير موضوعية، فذلك يعني أن أفعال الفرد تخضع لحوافز المجال المفاهيمي المؤطر السائد بالواقع، ولما كان المجال المفاهيمي هو التصورات المنتجة من مركزية عقدية عليا، كان معنى ذلك أن أفعال الناس لايمكن أن تنتج في اتجاه مضاد للمركزية العقدية الضابطة لذلك الواقع مالم تكن لنا مفاهيما ومعاني تهدف للتحرر من تلك المركزية
إذن الواقع الذي يسوده مجال مفاهيمي مشتق من المركزية الغرببة سيكون مثبطا لأي فعل يقصد به التصدي لفرنسا والفكاك منها، وذلك الواقع الذي تسوده مفاهيم تقول باحتقار الذات وعبثية التحرر، ستجعل الفرد محبطا من أي عمل يراد له تثويره وتحريره
نصل لخلاصة حتمية التناول الجذري في أي عمل تحرري من فرنسا، أي أنه يجب فهم أنه علينا تحرير المجال المفاهيمي الذي تتحرك فيه معاني مفاهيم الناس وأنشطتهم، وهذا لايكون الا بتغيير المركزية العقدية المزودة لذلك المجال المفاهيمي، من المركزية الغرببة نحو المركزية الاسلامية