فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 609 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هناك تصور لدى البعض عن الإسلام أنه يقرب للطلاسم وأن جزاء الفرد لاعلاقة له بعمله، فيمكنك أن تفعل ما تشاء وسيغفر الله لك، وعلى أية حال لا أحد ستدخله أعماله الجنة مثلما يروجون ويقولون له، إذن عملت أم لاتعمل الأمر سيان
لذلك تجد هؤلاء يفهمون الاسلام بتصورات تقرب للطقوس والاستحالات وبقليل من الجدية والمسؤولية
أدعية هؤلاء تمثل أكثر ما يبرز مظهر عدم الجدية في تعاملهم مع الاسلام، وفهمهم للموضوع بخفة وأنه لاعلاقة بين عمل الفرد وجزائه
مثلا تجد أحدهم يدعو بدعاء أن يدخله الله الجنة مع الصالحين والصديقين والشهداء والانبياء
هكذا مرة واحدة لايريد أن يدخل الجنة فقط مع أحد من عامة الناس، يريدها طبقية حتى في الجنة، هو يشترط أن يدخلها مع هؤلاء
وهو تجده بالمقابل أدنى وأقل واجباته الشرعية لايأتيها، لاينهى عن منكر ولايأمر بمعروف، يأكل الحرام وتلبس زوجته وابنته المتبرج ويقبل على المنكرات ويوالي أهل الباطل ورموزه ويحبهم بل ويكره الصالحين ويمقتهم
ثم يجد في نفسه الجرأة أن يسأل التواجد مع الأنبياء والصالحين
هذا تفسيره أنه يأخذ الأمر بنوع من السخرية أو عدم الجدية أو أنه أساسا لايعي مايقول وأن الدعاء بالنسبة لديه عبارة عن كلام مرسل من مظاهر السلوك الاجتماعي كممارسة ثقافية
أو أحدهم يدعو بأن يعطيه الله من الخير كله ويعيذه من الشر كله، أو يدعو الله أن يرزقه بيتا في أعلى درجات الجنة
هو إذن يريد أن يتخلص من الشرور كلها مرة واحدة وليس بعض الشر، ليرتاح ويتفرغ لحياته يعيشها كما أراد منكرات بعضها فوق بعض
وهو يريد أن يدخل الجنة في أفضل مراتبها
يا أخي هل ضمنت الجنة حتى تشترط أحسن درجاتها، طيب وماذا إن دخلت الجنة في مرتبة أخرى، ماذا ترى سيقع لك
هذا كلام يعطي ضمنيا الانطباع أن قائله لايأخذ الأمر بجدية، وأنه يتصور أن لاعلاقة بين الجزاء وأفعال العباد، وإلا لتواضعت طلباته بتواضع أفعاله في الدنيا، وأفعالنا كلها متواضعة هذا إن وجدت أصلا
لأنه أن نشترك مع من سبقنا في الدعاء فإننا لانشترك معهم في رصيد الانجازات، فأين أفعالنا من أفعالهم، فضلا أن هناك أدعية مأثورة يجب الكف عن ترديدها لأنها تكرس عدم الجدية في التعامل مع الاسلام وهي تسيىء أكثر مما تفيد
الدعاء طاقة كبيرة أعتقد أنها تغير وتؤثر على حياة الفرد بصيغة ما، لكن بشرط أن يكون الدعاء فعلا واعيا خاشعا يستحضر فيه الفرد ذهنه وقربه من الخالق حينما يخاطبه بالدعاء، و أعتقد يبعد أن تكون هذه الشروط متوفرة وتجد في نفسك القدرة أن تطلب أفضل الأماكن في الجنة أو تدخلها مع الصديقين والأنبياء، لأنك ستكون ساعتها على الأرجح تتملص من أفاعيلك الأخرى ولن تجد متسعا لهذه المطالب التي قدّت على مهل