يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نبدأ حياتنا بأهداف بحجم تغيير العالم وننتهي نتعارك عاجزين على تحقيق هدف بحجم تغيير الفانوس الكهربائي العمومي بالشارع حيث يوجد بيتك
نبدأ حياتنا كتلا من الطاقة وننتهي خائرين من دون قوة وعزم، من بعد أن فتّتناها وبذّرناها في معارك كثيرة تافهة ماكان لها أصلا أن تقع
تبدأ حياتنا مليئة بالطموحات وبأفق بعيد، ينطلق الشخص في تعامله مع الواقع كأنه ملك خاص له دون سواه، وينظر للآخرين أنهم أغيار عليهم أن يتبعوه، معتقداتهم تافهة وتفكيرهم سطحي
ثم ينطلق في رحلته، رحلة الحياة الطويلة ومسيرتها المضنية، فيكتشف أن الطريق ليس سويا كما ذهب في معتقده أول مرة، وأن به منحدرات ويندر أن تغيب عنه المنعرجات، وأنه لكي يستطيع سياقة سيارته بسلامة عليه أن يخفض سرعته وأنه أحيانا عليه أن يتوقف لتغيير قطع منها تلك التي هلكت بفعل صخور الطريق التي اصطدمت بها
يبدأ أحدنا بحديقة ذات أشجار عالية وزهور يافعات، لكن طول العهد وتغير المناخ وقلة الماء تضطره كل مرة للتعامل بما يلزم فيعمد لمعالجتها، فيتخلى أول مرة عن الزهور ثم يلتفت للاشجار فينتقصها بما يلزم حتى ينتهي بستانه لهياكل شجيرات أصبح هدفه الان أن لا يضطر لاقتلاعها
يعرف أحدنا بعد طول الطريق أن عليه الانسحاب من أماكن وساحات كثيرة، وأن عليه أن لايدخل أغلب المعارك التي تثار حوله حتى وإن كان طرفا فيها لأنها معارك تافهة انتصاراتها وهزائمها سواء
يصل أحدنا لحقيقة أن عليه أن يقتصد من طاقاته كلها وأن العمر لن يسعفه للتنازع في كل حدث يمر به أو يحصل له، وأن الحياة لن تسعه إلا أن يتجاوز ويتجاهل أحيانا ويغمض عينيه أحيانا أخرى، وأن لا يركز الا في الأهم، وذلك هو النضج الشخصي