فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 582 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هذه سلسلة مقالات جديدة أشرع فيها تدور حول المفكر التابع، مثلما كتبت عشرات المقالات حول الفرد التابع وأمراضه التي منها وبسببها تطاول هواننا وصرنا الى ما صرنا إليه تعبث بنا منظومة فرنسا وتوجهنا كيف تشاء
أعتقد أنه يوجد وجه آخر لسقوطنا وهو المفكر التابع، وهذا في خطره أشد من الفرد التابع لأنه يعمل موظفا أو على الأقل وظيفيا لدى المركزية الغربية يعيد مزاعمها بقصد أو بدونه
المفكر التابع إن دافع عن قضايانا دافع بأدوات المركزية الغربية، و إن تحدث في مسألة تحدث بمصطلحات المركزية الغربية و إن قدم حلولا فهي حلول تدور في المجال المفاهيمي الغربي، و إن تناول مشاكلا للنقاش فهي المشاكل التي زعم الغرب أنها كذلك وليس هو أو نحن عموما من قرر بأنها كذلك
اعترضني منذ قليل ترويج لكتاب أحد هؤلاء المفكرين التّبّع رغم أنه ذو انتماء اسلامي، يلوك قضية التراث والتجديد وتلك المحاور المعهودة
هذه إحدى مظاهر المفكر التابع أنه يعيد تدوير كلام المركزية الغربية وتصوراتها عنا ويطرح ماتقوله كمسلمات ثم يفاخر بتميزه فيها، فهو مروج لبضاعة الاخر لدينا، فبأي جدارة يزعم أنه مفكر يفكر لنا فضلا أن يكون ذا زعم انتماء للمجال المفاهيمي الاسلامي المغالب للمركزية الغربية
الحقيقة أنا عكس هؤلاء المفكرين المهمومين بالغرب وبمصطلحاته والواقفين ينظرون من زاويته الموافقين عليها، لا أعتقد ان تراثنا أصلا يطرح مشكلة بحيث يعيق تقدمنا، ثم أساسا تقدمنا كيف نقيسه، هل نستعمل أدوات الغرب المشتقة من مجال مفاهيمي مغالب لنا، لنقيس تراثنا ونميز مالمشكل فيه مما دونه، هذا نقطة بذاتها مشكل
أن يكون تراثنا يحوي ما يمكن اعتباره ما تشاء من تصنيفات الاعاقة والسوء فذلك ممكن، لكن أن تقول أن تلك المسائل سبب هواننا فهذا لا اقبل به ولا أوافق عليه
أعتقد أن سبب مانحن فيه بمقدار كبير، هو حملات العدوان الغربي التي اطلقت ضدنا منذ قرون، وهي حملات أعاقت نمونا الطبيعي الذي كان يمكن أن يمضي بأشكال أخرى ببلداننا عوض ما عرفناه بعد أن اظلتنا حملات الاعتداءات الغربية المتواصلة والتي مازالت لحد الان حيث تحكمنا بقايا منظومات الغرب
أساس المشكل إذن في الغرب واعتدائه علينا وتدميره بلداننا وهدم مقومات نمونا الطبيعي وسرقته خيراتنا الطبيعية ونهب طاقاتنا البشرية، أما ديننا وتراثنا فموضوع آخر لاعلاقة له بتأخرنا، بل إنه أهم عوامل صمودنا ضد ذلك العدوان الغربي المتواصل منذ أربعة قرون
على أية حال هذا موضوع شائك، لكني أردت القول أن القبول بفكرة اعتبار تراثنا وضمنيا الإسلام مشكلة بحيث تعقد حوله الندوات المتصلة وتؤلف حوله الكتب، بل وتوجد مسارات جامعية لبحثه، كل هذا بعض من أثار تكوّن طبقة من المفكرين التّبّع للغرب المغالب العقدي، هؤلاء الذين حولوا جامعاتنا ومؤسساتنا الفكرية لحوامل إلحاق بالمركزية العقدية الغربية، عوض أن يكونوا منتجي مواد فكرية تتصدى لذلك وتعيد طرح العدوان الغربي لأسسه التاريخية وتنظر لمشاكلنا باعتبارها نتيحة لتلك الموجات العدوانية المتصلة