علينا نفض الغبار عن البعد الثوري من ديننا: الخوارج، الزنج والقرامطة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 615 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الكثير مما ينقل إلينا من التاريخ فيه تحريف بمعنى الكم وبمعنى القيمة المعيارية
أكثر من شوهوا في تاريخنا هم من يسمون الخوارج ثم القرامطة و الزنج
الحقيقة أن هذه التشكيلات قدمت الكثير من عناصر الثورة للاسلام و أظهرت وتحركت بفهم عميق لأبعاده التغييرية، حيث رفض الخوارج فكرة العلوية العربية وقالوا إن الاسلام يأبى العنصرية وبالتالي لايصح أن يقال بوجوب الخلافة في قريش، بينما اختلف كل متقاتلي فتن الاسلام الاولى في كل شيء تقريبا واتفقوا فقط في وجوب الحكم في قريش لانهم كلهم من قريش ونقل الفقة السائد حاليا هذا الزعم العنصري وصيّره دينا
القرامطة والزنج، كانت محور فكرتهم أن الاسلام اعطى حقوقا للضعفاء مهما كان عرقهم، وطالبوا بأن ياخذوا حقهم كما يقول الاسلام هم الذين كانوا خدما في مستنقعات العراق ثم لحق بهم العبيد من اماكن اخرى
إذن كان تحركهم في إطار الاسلام وحماية بالاسلام وطلبا للحماية به ضد من يستعمله لاستعبادهم وعرفوا أن مايقع ضدهم لا يجوز من منظور الاسلام، لكن الحكام استنجدوا بالفقهاء لتشويههم ثم استغل البعض تلك الانتفاضة الاجتماعية حيث قادها في اتجاهات اخرى ليسهل بعد ذلك تشويهها
صحيح أن الخوارج والقرامطة والزنج ارتكبوا عمليات تقتيل وجرائم، لكنها على أية حال لن تجاوز جرائم بني امية حينما اغتصبوا زهاء ألف فتاة من بنات ونساء الصحابة والتابعين في وقعة "الحرة" بالمدينة، ولا غيرها من أفاعيل بني العباس العديدة في أعدائهم، وهي كلها جرائم ينقلها المؤرخون بمَلَل كأنهم يبحثون عن تبريرات لأصحابها (1) ولم تنتج عن تلك الفظاعات تصنيفات اقصائية واستبعادات للقائمين بها اي بني امية وبني العباس
لكن التاريخ الذي وصلنا وكان يدونه من رضي عنه الحكام، سفّه من عارضهم وأول ذلك من يسمون الخوارح والقرامطة والزنج
الحقيقة يكفي أن يكون هؤلاء مغضوب عليهم من الحكام حتى يكون ذلك سببا ومدعاة لنا لكي نعيد النظر في تاريخنا وأحكام المؤرخين وفقهاء السلطة في المسائل المتعلقة بالحكم والمتصارعين حوله، وأخص ذلك التقييمات للخوارج والزنج والقرامطة، ووجوب اعادة النظر في تراثهم بهدوء بعيدا عن الاحكام السائدة ضدهم
أنا لا أدافع عن جرائم هذه الفرق ولا عن الانحرافات العقدية لزعمائهم، لكني أقول أن مايقال ضدهم فيه مبالغات وأن لهم افكارا ثورية وقع اخفاؤها وتشويهها علينا البحث عنها واظهارها، أي علينا القيام بعملية غربلة، وكل ذلك في سياق اعادة النظر في التراث الثوري بالاسلام بهدف احياء البعد التغييري فيه
(1)
انظر لتاريخ ابن كثير البداية والنهاية، حينما ينقل هو ذاته فظاعات بني أمية من مثل وقعة "الحرة" وقصف الحجاج الكعبة، لايمنعه ذلك ان يشيد بحكام بني امية وبني العباس ويذكر قصصا عنهم يريد من خلالها ان يعلي من شأنهم، بينما يذكر القرامطة والزنج بألفاظ معيارية تعكس موقفا منهم وهو موقف السلطة
بل حتى ابن خلدون في تاريخه، فإنه يذكر القرامطة والزنج بألفاظ معيارية غير محايدة