الصفحات التي تتحدث حول الأشعرية والمعتزلة وأهل السنة والجماعة: العراك الداخلي لا معنى له مادامت المركزية الغربية تخنقنا وتعتدي علينا
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 826 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعترضني صفحات عديدة تتنادى لنصرة "العقيدة الأشعرية المهددة بتونس"، و أخرى لنصرة الفكر المعتزلي و أخرى لنصرة "أهل السنة والجماعة"، ويتنازعون قضايا ويحادون بعضهم بعضا
تشتد خصوماتهم بين بعضهم ويكتبون في ذلك ويحبّرون المقالات، مقابل تجاهلهم عدوهم المركزي وهو الغرب وممثلته محليا فرنسا ومنظومتها، لا يكتبون في ذلك أي شيئ، مما يعني تطبيعا مع الواقع التابع وقبولا به وهذا معنى كونهم ضحايا عمليات التوجيه والتشكيل الذهني الذي رعته منظومة فرنسا منذ عقود، لا يغير من هذه الحقيقة كون بعضهم يحمل لقب الشيخ أو الدكتور، لذلك قلت من قبل أن المعرفة أي اللقب، لا تعني التفكير ولا العلم
الحقيقة أني أرى هذه الخصومات الفكرية نوعا من العبث
كانت هذه المغالبات الفكرية لها معنى وقيمة قبل الآن، حينما كانت كلها تجمعات فكرية تتحرك تحت سقف مركزية إسلامية، أي حينما كان الإسلام العقيدة يضبط العالم ويقوده
الآن الاسلام العقيدة (1) اندثر ولم يعد يحكم الواقع ولا يقود منظومات الضبط الاجتماعي كالتعليم والإعلام والثقافة والحياة عموما
ولم يبق من الإسلام إلا اثاره تلك التي تركت بعض فعل في مناشط الناس أي اسلام الثقافة
الآن واقعنا غير واقع الأمس، نحن حاليا مهزومون، نحن نتحرك تحت رحمة مركزية غربية تظلنا بعقيدتها وفكرها وثقافتها، وهي المركزية التي تعتبركم كلكم بمختلف طوائفكم أعداء وتطاردكم وترفضكم من أن تنازعوها في ضبط الواقع وحكم العالم أو التأثير في أي مجال منه
وفي أفضل الأحوال تعتبركم موضوعا ثقافيا للدراسة في علم الانسان كما وضعوه، وتسمح بدراستكم وطوائفكم في جامعاتنا ويقبل عليه أبناؤنا المسلوبون بنهم وفخر أن درسوا ما سطره وحكم به الغرب ومركزيته الغالبة
أعتقد سيكون أكثر جدوى أن نهتم أولا بدفع المركزية الغربية فكرها وثقافتها ونحرر مجالنا المفاهيمي من تأثيراتها، أي تحرير وسائل تشكيل الاذهان تعليم و إعلام وثقافة ثم جامعاتنا ومناهجها، من واقع خضوعها للمغالب العقدي والفكري والثقافي، وحين ننتهي من ذلك فلنفرغ للتنازع الداخلي
عدونا الان الغرب ومركزيته الطاردة لنا الكارهة لنا المحاربة لنا، ولا معنى أن نترك هذا العدو الذي يخنقنا ويذلنا ونتجاهله ثم نتطارح بطمأنينة السذج قضايا ترف فكري
لننتهي أولا من إطفاء الحريق الذي اشتعل ببيتنا، ثم بعدها لنتعارك حول حيازة غرفه الداخلية
----------
(1) اسلام العقيدة بالمعنى الذي اقصده في تعريفي لاسلام العقيدة واسلام الثقافة واسلام الهوية وليس بالمعنى الاصطلاحي المتعارف عليه في المعارف الاسلامية التقليدية