اشتراك الغنوشي وبورقيبة في خدمة الغرب لايعني أنهما سواء
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 762 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
التدوينة السابقة حول كون الاشادة من الغير ليست أمرا حسنا في المطلق، فهمت أنني قلت أن بورقيبة والغنوشي سواء
أنا لم أجعل الغنوشي وبورقيبة في خانة واحدة، و إن يشتركا في نقاط لايعني أنهما سواء في كل شيئ
مايجمع بورقيبة والغنوشي أنهما موضع ترحيب من الغرب، تحديدا من الغرب الداعم لكل منهما، وهذا لايعني أنهما قدما نفس الخدمات للغرب لكن المؤكد أنهما خدما الغرب وخدما مصالحه العقدية والثقافية والاقتصادية
أساسا ماطلبته فرنسا من بورقيبة ليس ما طلبته أمريكا والدوائر الغربية التي تقول إنها تدعم "الإسلام الوسطي الديموقراطي"، من الغنوشي
لكن ساذكّر بنقاط يشترك فيها بورقيبة والغنوشي جعلتهما محل ترحيب من الغرب:
1- كل منهما يقبل بأن يكون تابعا للمركزية العقدية والفكرية الغربية، وهذا يعني أنهما لا يطالبان ولا يعملان على إحياء المركزية الاسلامية
علما أن المركزية الاسلامية التي أقصدها ليست إسلام الشعائر والتعبد الفردي الذي أسميته اسلام الهوية وإسلام الثقافة
هذه النقطة يلام فيها الغنوسي أكثر من بورقيبة، لأن الغنوشي ما سطع اسمه إلا من خلال القول بإحياء الاسلام العقدي الشامل واعتماده مرجعا للحياة وتفرعاتها، فإذا به ينتهي راضيا بالتحرك في فلك الغرب ومشاريعه الفكرية الثقافية وما الاسلام في هذا التصور الا مجرد نظام أخلاقي ثقافي يتحرك تحت أفق الغرب ومركزيته
ولهذا تحديدا وقع القبول بالغنوشي ومساعيه لتقزيم منظومة الإسلام من مركزية عقدية مستقلة لمنظومة تابعة، تحت مسمى مرة الإسلام الوسطي ومرة الإسلام الديموقراطي
وهذا لم يقله بورقيبة ولم يفعله، بورقيبة كان واضحا في مشروعه الإلحاقي بفرنسا وكان يرفض الاسلام ابتداء كمركزية مستقلة ولم يقل إنه يتحرك في أفق الاسلام
2- كل منهما (أي بورقيبة والغنوشي) لاتمثل له الهوية في بعدها البسيط مطلبا أوليا، لذلك لا بورقيبة ولا الغنوشي دافع عن اللغة العربية واستنقذها من تسلط فرنسا ولغتها، بالعكس في عهد الغنوشي زاد تمدد اللغة الفرنسية وزادت عمليات استبعاد اللغة العربية
وفي خصوص الهوية في بعد الانتماء الوطني، فإن كليهما لم ير مشكلا أن تشوبها الفَرْنَسة، لذلك سمحا للأحانب الفرنسيين ممن يسمون تلطفا مزدوجي الجنسية تحمل المناصب السياسية، والحقيقة أن هذا الشرخ والاختراق الفرنسي تفاقم أكثر في عهد الغنوشي، لأن حركته الساسية تعج بالاجانب، لذلك سكت عن هذا الخطر وصيّره واقعا بحكم القانون الذي يسمح للأحانب ذلك وهو القانون الذي مرره تنظيمه حينما كان بالسلطة، فصارت تونس تحكم من فرنسا والفرنسيين والانقليز والامريكان، كما نرى