حول "شرطة الأخلاق" في إيران والسعودية والوقوف مع الغرب في معاركه
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 727 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تنادى الكثير للفرح بانتصار دعاة الحرية كما يقولون في إيران وقبلها السعودية، وتفكيك آخر جهازين هناك ل"كبت الحريات" وهما شرطة الأخلاق بالسعودية وإيران
وهنا سأتناول الموضوع في النقاط التالية:
1- نقطة توضيحية وهي أني أتناول هذه المسألة من زاوية صراع المركزيات العقدية والفكرية بالعالم، إذن يرجى من المهمومين بمسائل من نوع "قرآن فاطمة" و أن إيران ليست اسلامية، أن يكفوا قليلا عن الوقوف في صف الغرب العقدي ودعم مركزيته، وليحاولوا أن ينظروا من زاوية الفكرة المؤطرة للصراع الدائر وليس زاوية السياسة والتاريخ المنتقى
أنا هنا لا أدافع لا عن إيران ولا عن السعودية، ولكني أتصدي للمركزية العقدية الغربية التي يقع دعمها والوقف معها ضمنيا حين تبني الرواية الغربية عن الاحداث وإعادة ترويج مصطلحاتها
2- لا توجد لا في السعودية ولا في إيران شرطة أخلاق، و إنما أجهزة مختصة، في السعودية في مسائل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في بعده السلوكي حسب المنظور الاسلامي كما تفهمه الجهات في السعودية، وفي إيران جهاز يعنى بضبط المجال العام ومن ضمنه التسيب السلوكي من مخدرات ودعارة
3- مصطلح شرطة الأخلاق روجته آلة الدعاية الغربية في نطاق حربها ضد المركزيات العقدية المغالبة لها وهنا روجت مصطلح شرطة الاخلاق كأداة وظيفية للتنفير من الاسلام وتشويهه، والذي يستعمل ذلك المصطلح يعطي الدليل أنه ضحية لأدوات التوجيه الذهني الغربية
4-اللاتي تحركن في إيران رافضات الحجاب الاسلامي وقبلهن اللاتي تحركن في السعودية داعيات للتسيب الاخلاقي، لسن دعاة حريات و إنما دعاة إلحاق بالغرب، فهن متبنيات للمركزية الغربية ومفاهيمها حول المرأة والحرية الشخصية، فنحن إذن إزاء صراع بين مركزيتين عقديتين وفكريتين، مثلت النساء اللاتي وقع دعمهمن من الغرب وظيفيات خادمات للمشروع الالحاقي الغربي
والذي يقف في صف تلك النسوة اللاتي أسندهن الغرب في إيران والسعودية إنما يقف في صف الغرب دعما لمركزيته الغربية
5- الوضع السوي أن لا نسند الغرب في حربه العقدية ضدنا وأن لانكون حطبا في معاركه فضلا أن نكون خدما لتمدد مشروعه العقدي والفكري والثقافي ضدنا
لكن بالمقابل فإن موقفنا الواعي هذا لا يلزم منه ولا يجب أن يفهم منه، الدعم للنظامين السياسيين في السعودية و إيران ولا تبنيا للآليات المستعملة من قبل ذينك الجهازين لديهما للنهي عن المنكر كما يقولون
نحن بموقفنا الفكري علينا أن نفهم طبيعة الصراع مع الغرب و أنه حلقة من حلقات عدوان عقدي وفكري تشنه المركزية الغربية ضد كل من يغالبها ولو قليلا في سطوتها
6- كل الدول الاسلامية تقر بالمركزية الغربية في بعديها العقدي والفكري و تفريعا عن ذلك الثقافي، باسثناء السعودية في فترة ما ثم إيران
السعودية كانت لفترة غير بعيدة ترفض المركزية العقدية في بعدها التعبدي قبل أن تلغى عمليا ذلك زمن المك الحالي، وكانت السعودية تدرس مبادئ الولاء والبراء وهو مبدأ إسلامي قوي يعلن بوضوح المركزية العقدية الاسلامية ويرفض الخضوع لغير الاسلام، ولكن السعودية اختزلت ذلك المبدى الهام في بعد المركزية التعبدية فقط حيث كانت بالمقابل تقر بالمركزية الغربية في الأبعاد الأخرى وهي الفكرية والثقافية والاقتصادية، أي أن السعودية ربما لعجز فكري في منظومتها وهي الوهابية، لم تفهم المركزية الاسلامية إلا في البعد التعبدي الشعائري، والذي وقع الغاؤه الآن
بالنسبة لإيران فإن مشروعها الثوري بني أساسا على مفاصلة الغرب في مشروعه العقدي والفكري، وكان مفكرو الثورة الايرانية كمرتضي مطهري وعلي شريعتي وبدرجة أقل باقر الصدر، ينظّرون لهذه الأفكار بوضوح
ثم أكد الخميني معاني المركزية الاسلامية، بقطع النظر عن محتوى المركزية الاسلامية التي يدعون إليها والملاحظات حولها من حيث محتواها ومدة انضباطها بالاسلام كما يفهمه غير الشيعة
إذن إيران بنيت ابتداء على مركزية اسلامية تغالب المركزية العقدية الغربية، ولهذا السبب يعاديها الغرب، لأن الغرب يعادي كل من ينازعه "وحدانيته" العقدية ثم يعادي بدرجة أقل من ينازعه تفرده الاقتصادي، لذلك وقع معاداة الاتحاد السوفياتي لأنه حمل مشروعا عقديا مركزيا منازعا للغرب
------------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود