تأملات (38): يخلق الإنسان حرا لكن سرعان ما يتم إخضاعه، فيأتي الإسلام لتحريره
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 613 محور: تأملات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
فتربية الوالدين نوع من الإخضاع عن طريق الضبط الأسري، ثم التعليم إخضاع بغرض التحكم في المجموعة المنتمية لوطن ما، ثم أدوات التثقيف والتأثير بالمساحات العامة والاعلام إخضاع عن طريق التحكم في المجال المفاهيمي المنتج والمؤثر في المعاني، ثم القوانين إخضاع عن طريق التشريعات التي تأتي لتلزم الفرد بعدم الخروج عن مصالح ومقاصد المجموعة الوطنية
فهذه كلها مستويات لإخضاع الفرد، وهي تشترك في كونها كلها عمليات سيطرة موضوعها الفرد، حتى أقلها مصلحة وهو الضبط الاسري فيه مصلحة ترجع للابوين في تنشئة ابنهم، كونه حرص على الابن من زاوية ترجع بالمصلحة للوالدين
الفرد إذن مجال لتنازع قوى الضبط والاخضاع تقصد السيطرة عليه والتحكم فيه لمصلحتها
في مساحة التنازع هذه، يأتي الاسلام ليحرر الفرد من هذه الضغوط ويجعله مسؤولا أمام جهة واحدة فقط وهي خالق هذا الكون، ماعدا ذلك فستكون أصنافا من الالتزام التنظيمي وليس الاخضاع الضاغط السلبي
ستكون الأسرة سكنا وموئلا وسيكون الأبوان داعمين يحبب للفرد برهما وينزع عن علاقته بهما معاني التصرف التابع، وهو برّ يقع الزام الجهتين به، فالابن سيبرّ والديه والأبوان سيعاملان الابن بمعاني البنوة وليس الاستغلال والاخضاع والتحكم السلبي
ماعدا ذلك من مستويات اخضاع من تلك التي تربط بالواقع فقد حرر الاسلام الفرد منها، بل دعاه لمقاومتها والتخلص من ضغوطاتها، فالاسلام حرر الفرد الرسالي من كل جهات السيطرة أفرادا ومؤسسات وجعله مسؤولا فقط أمام الله
وهذه هي الحرية التي جعل الاسلام من خلالها أتباعه الرساليين أفرادا فعالين لاتقف أمامهم أي قوة تهدف للتحكم فيهم
الفرد المسلم الرسالي متحرر من قيود الضبط، متحرر من عوامل الشد والقسر التي تنتجها أفكار الاخضاع والواقع عموما، متحرر من التبعية للأفراد الذين سرعان ما يتحولون لأوثان، الفرد الرسالي لايخضع الا لخالق هذا الكون، وتلك سر قوته