"وحدة التونسيين وعدم تفريقهم" : المصطلحات الفضفاضة التي تستعمل للحفاظ على الواقع الفاسد
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 751 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رد مرة أحدهم على إحدى مقالاتي بمامعناه: نحن في حاجة لتوحيد التونسيين، ولسنا في حاجة للتفريق، أي أني أفرق التونسيين بما أكتب وحين أذكر منظومة فرنسا وبقاياها وخطرهم ووجوب تفكيك هياكلهم تلك، فوجب علي إذن الابقاء على الوضع كما هو لكي لا افرق التونسيين و أتركهم متوحدين
------------------
في حياتنا نستعمل الكثير من المصطلحات والكلمات السائبة غير المضبوطة التي ترد عادة في سياق دعائي سياسي خاصة، من دون توقف عند معانيها، ويتبناها القطيع ويستعملونها لمجرد أن غيرهم القدوة قالها وروجها
ثم إن استعمال تلك الالفاظ قبول ضمني بمعانيها التي أوجدها غيرنا وتسليم له في التصرف في اختيار اللفظ وفي معناه وقبول بكون غيابنا عن انتاج المعاني يؤدي لحقيقة كوننا لسنا مشاركين في صنع مايتداول من مفاهيم و أننا في ترتيب متدني نسبة لغيرنا
فالتسليم للغير في تقرير معاني الالفاظ إقرار بالدونية الذاتية داخل المجتمع
----------------------
يمكن ذكر بعض المصطلحات الفضفاضة التي لا معنى محدد لها، مثل:
يجب علينا كلنا في تونس أن نتوحد
نحن في حاجة لما يوحدنا وضد دعوات الفرقة
وهذا كلام لا معنى له:
لايمكن لأي أحد أن ينهي اختلاف الناس بل وخلافهم، بل إنه لا يمكنك أن تنفي وتنهي ذلك حتى بين أفراد أسرتك فمابالك داخل بلد ما
ثم إن الكلام عن توحيد كل التونسيين، كلام ناقص لأنه يجب أن يوضح لنا توحيدهم حول ماذا
إن كان حول أمور مشتركة فهم متحدون حولها ابتداء كالانتماء لنفس الارض والوطن
وإن كان حول غير ذلك أي الانتماء الحزبي أو الاختلاف في فهم المصلحة وتقريرها، فذلك أمر لا يمكن تحقيقة لأنه دعوة لمستحيل، فهي إذن دعوة عبثية
ومثله الكلام من نوع ذم دعوات تفريق التونسين، لأن التونسيين وغير التونسيين متفرقون بطبعهم، فهم متفرقون في الانتماءات للفرق الرياضية ومتفرقون في اعتبارات أخرى مثل أوضاعهم الاجتماعية وفي القدرة الذهنية والطاقة الجسدية وفي الانتماء الجهوي، وهذه أمور لايمكن إلغاؤها لأنها من مقومات الوجود البشري
الحقيقة ان هذه المصطلحات المغالطة، كانت أداة دعائية لتمرير مساعي الحفاظ على الواقع والتصدي لتغييره بعد احداث الثورة التونسية المجهضة
وكانت دعوات الوحدة وعدم التفرقة ظاهرها كلام طيب وبراق لكنها في باطنها كانت عملا يهدف للحفاظ على الواقع وعدم المس ببنيانه، وهو ماوقع للاسف وكانت هذه الدعوات الفضفاضة سببا في ذلك لأن الكثير اقتنع بها وتبناها
و اكثر من روج لهذه الدعوات المغالطة راشد الغنوشي، حيث مثلت مصطلحات وحدة التونسيين وعدم التفريق أهم محاور مشروعه الذي كان يدور حول المحافظة على أسس الواقع الذي صممته فرنسا منذ عقود
ولم ينافس الغنوشي في دعوات الحفاظ على الواقع حتى رموز منظومة فرنسا ذاتها