فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 651 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من ضمن المواضيع التي تشغل الكثير البحث في علامات الساعة أي موعد حلول القيامة، وهم يبدؤون ويعيدون في تفريعات هذه المسألة، وهم يفرقون بين علامات الساعة الكبرى وعلاماتها الصغرى، وهناك قنوات يوتيوب مخصصة لنقاش علامات الساعة، وهناك شيوخ مختصون ومعروفون بما يقال أنها دروس في هذا الموضوع
وهؤلاء المهمومون بتعقب موضوع الساعة يتعاملون مع المسألة بتنقيب غريب تعجز عن فهمه وتبين أسبابه
أولا هذا الموضوع محسوم بالقران وهو أن الساعة غير معلومة الوقت، إذن فكل السعي لمعرفتها عمل لن يؤدي لأي فائدة وهو نوع من العبث
لكن أساسا، لا أفهم ماذا يهم أحدهم متى تقوم الساعة، يعني ماذا سيفيدك كمسلم هذا الموضوع معرفته أو عدم معرفته
ماذا سيزيد لحياتك ولدينك معرفة وقت قيام الساعة
أعتقد الموعد الذي يهم كل منا معرفته هو وقت موته وهو موعد يتربص بنا كل حين، فساعة كل منا هي موته، إذن يحسن بكل منا تتبع ساعته هو تحديدا أي موته والاستعداد لذلك بالعمل الصالح، أفضل من هذا العبث حول البحث عن موعد القيامة
لكن ما أريد معرفته هو مالدافع لهذه المساعي الفضفاضة التي يولع بها الكثير في التنقيب عن علامات الساعة
أعتقد أن هذه الانشطة هي بعض مظاهر
تحول التدين لاداة تغييب عن الواقع، حيث يتجاهل أصحاب هذه المساعي، الواقع ومشاكله وأهمها عدم انضباطه بالاسلام، ويهربون من كل ذلك للبحث عن حلول لمشكلة مصطنعة حول توقيت يوم القيامة
لكأن مساعيهم تلك نوع من الهروب من الواقع بسبب العجز عن حل مشاكله، هو وجه آخر لرفض الواقع بالهروب منه نحو تعويض وهمي بقرب يوم القيامة لتخليصهم من ذلك القهر والحمل النفسي الذي واجهوه حينما فكروا في رفض الواقع الذي لايرضون بعض مكوناته
فتنامي مساعي النظر في توقيت الساعة إذن يؤشر على رفض للواقع من منظور ديني مقرونا بعجز على التعامل معه من زاوية اعتقادية دينية، فيؤدي كل ذلك العجز لتوهم نهاية ذلك الواقع الفاسد بقرب يوم القيامة، وهو في أصله تمني يتحول لوهم بكونه حقيقة
فهو حينما يرى الواقع وصل مرحلة من الانحراف لدرجة يعتقد معها باستحالة إصلاحه حسب التصور الاسلامي، يجد من الافضل ان يقع انهاء ذلك الواقع الفاسد، فكيف يكون ذلك، الافضل ان ذلك سيكون بقيام الساعة مادام هو عاجز عن ذلك
إذن هذه الاحاديث عن الساعة تمثل حلولا وهمية ينتجها العقل العاجز عن انتاج حلول موضوعية حقيقية للمحافظة على سكينة داخلية مطلوبة لدى الفرد، فالعملية كلها حيلة عقلية تعويضية قرينة العجز عن مواجهة الواقع
لذلك تنتشر نقاشات قرب الساعة في أوقات الانحطاط الاجتماعي وشيوع الفساد الاخلاقي، المقرونة برفض لكل ذلك وعجز عن مواجهته وشعور قاهر لدى الفرد بذلك العجز