بمثل هذه العقليات تربّعت فرنسا فوق ظهورنا، وحقّ لها أن تتربع باطمئنان
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 763 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تركوا موضوع تناول واقعنا الفاسد، وذهبوا يناقشون أن الله غفور وأن الحديث موجود بالبخاري
كنت دوما أرى أن أهم مدخل وسبب لمشاكلنا بتونس هو تغييب العقل، وبعض تفاصيل ذلك غياب المنهجية في تناول قضايانا
وكلما كتبت مقالا ورأيت بعض التفاعلات، تأكدت أكثر من ملاحظتي تلك حتى صارت شبه يقين
المقال الأخير حول تدين العشوائيين كان هدفه تبيان خطر التصور الذي يرى الاسلام منظومة عشوائية ليس فيها صيغ واضحة تربط العمل بالجزاء، وكان الهدف توضيح أن هذا التصور عن الاسلام يجعل واقعنا هدفا يسهل توجيهه والتحكم فيه من منظومة فرنسا لأنها ستزين للناس انحرافاتهم وتشجعهم عليها بزعم أن الاسلام دين رحمة ومغفرة و أنه يمكنك أن تدخل الجنة من دون حساب، أي أنه لا علاقة لاعمالك بالثواب
من الاخر الامور فوضى، وهو مايصب في مصلحة المتحكمين بالواقع، أي أن هذا التدين وظيفي في خدمة فرنسا وبقاياها من خلال إدامة انحطاطنا
طيب، ماذا كانت بعض الردود التي وصلت حد التهجم علي شخصيا، وقمت بفسخها وحظر أصحابها
تركوا موضوع المقال المقصود، الذي هو تناول وبحث واقعنا الفاسد وهواننا وشيوع الانحرافات الاخلاقية وتحكم فرنسا فينا
تركوا هذا كله وتنادوا لنقاش مسائل أخرى فرعية وهي كون الله فعلا غفور رحيم وأن دعاء أدخلنا الجنة من دون حساب موجود بالبخاري
هذا التناول أساسه غياب المنهجية أي أن العقل الذي تصدر عنه هذه المواقف عقل ليس لديه القدرة على التناول التأليفي للمسائل، له فقط امكانية التناول التفصيلي، وهذا نوع من الخلل المنهجي، لأن أصحاب هذه العقليات يمكن في كل حين التحكم فيهم بإغراقهم في تفصيل أي قضية من قضايا الواقع
بل يمكنني أن اقول باطمئنان أن منظومة التحكم الذهني التي توجه وتتحكم في التونسيين بالاعلام وغيره، تستغل تحديدا غياب هذه الكفاءة لدى عامة التونسيين، وهي النظر التأليفي
فتقوم كل مرة باطلاق قضية ما وتترك التونسيين يتعاركون في تفاصيلها، ولأنهم لايملكون القدرة المنهجية للمراوحة بين النظر التفصيلي والنظر التأليفي، فإنهم يغرقون في تفاصيل تلك القضية في انتظار قضية أخرى وتفاصيلها، في الاثناء فإن الواقع ككل في صورته الشمولية لايقع تناوله والانتباه له
وبسبب غياب النظر التأليفي لم يقع إعادة النظر في أسس واقعنا ولا التفطن لمن يتحكم فينا ولا لغيرها من العديد من القضايا
الذين تركوا موضوع المقال وأصبحوا يناقشون أن الله فعلا غفور رحيم يريدون جرّي لنقاش المغفرة وشروطها وأن الاعمال بالنيات وغيرها من المسائل، في الاثناء ننسى الموضوع الاصلي، لكن المؤكد أن المتحكمين بالواقع سيفرحون بمثل هذه النقاشات التافهة التي ستبدو في ظاهرها نقاشا دينيا
والذين أصبحوا يبحثون في أن حديث أدخلنا الجنة من دون حساب، موجود بالبخاري، يريدون جري لنقاش سند الحديث ومتنه وتعارض الاحاديث مع القرآن، وننجر لقضية أخرى ونترك الواقع ومشاكله، والاكيد هذه النقاشات التافهة التي تبدو كأنها نقاشات دينية ستفرح المتحكمين بالواقع
للأسف يلزمنا مجهود ذهني كبير لتغيير واقعنا، يلزمنا مجهود ذهني كبير لنكون منهجيين وهو شرط فهم الواقع ثم تغييره