فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 662 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لطالما اعترضتني أدعية من نوع: اللهم أدخلنا الجنة من غير حساب (1)، أو بعضهم الذي يقول لك لا تفرح بأعمالك فإنك لاتدري ماذا تكون خاتمتك، والاخر الذي يقول لك في معرض تبرير إعراضه عن الدين أن الله غفور رحيم
ثم هناك من لايربطه بالاسلام إلا انتماء جغرافي، ثم يطلب الله أن ينزل عليه المطر
1- هناك تصور لدى البعض أن الاسلام منظومة تحكمها العشوائيات، وإلا فما معنى اللهم ادخلنا الجنة من غير حساب، كيف من غير حساب، يعني فوضى هكذا، لماذا إذن أرسل خالق هذا الكون الانبياء والرسل إن كان أمر وجودنا بالدنيا سيمر من غير حساب
هناك كلام لايجب أن يقال أصلا، دعك من حكاية أن هناك أحاديثا وروايات عن "الصالحين" قالوا بذلك
هذا دين أنزله خالق هذا الكون المنظم المنضبط الرائع المتناسق، لايصح منا أن نقبل بل أن نتصور مجرد تصور أنه يترك حياتنا تمضي عبثا من دون متابعة بحيث يدخلنا الجنة هكذا من غير حساب، طيب إن كانت الامور عشوائية فلعلك تدخل النار من غير حساب
2- الذي يقول أنك لاتدري ماخاتمتك كمبرر للنكوص عن الانضباط بالاسلام، كلام حق يراد به باطل، لأن ذلك الكلام يفترض أن يدعوك للحرص على الالتزام بدينك دائما، لأنك لاتدري وقت خاتمتك، لا أن تعتمده كمبرر للتخلي عن الانضباط بالاسلام
3- القول بأن الله غفور رحيم، كلام انتقائي يبرر به المنتكسون عن الاسلام ممن غلبتهم شقوتهم، انحدارهم، وهو جزء من الحقيقة لأن الله أيضا شديد العقاب، ثم إن الاسلام ليس متروكا للفرد حتى يختار منه ما يريد ويقرر لوحده الصالح منه وغير الصالح، هذا دين الله وليس عرضا للسلع تنتقيها، ماهذا التصور
4- أما من يعيش خارج مجال التغطية الاسلامية ولاتكاد تربطه به الا الشكليات، ثم يطلب الله أن ينزل عليه الغيث، فهذا أعجب الاعاجيب
زوجاتهم وبناتهم منفلتات متعريات تشعن الفاحشة، بل وتتباهين بذلك، لامنكر ينهى عنه و لامعروف يؤمر به
بلاد يحارب فيها الاسلام ويضيق على أهله وتسن فيها القوانين المحاربة لدين الله التي يساق بمقتضاها الالاف للمعتقلات (قوانين الارهاب والتكفير المزعومة)
بلاد يرهب فيها المتدين ويسفه، ويوسّع فيها بالمقابل لأهل الباطل ومشيعي الفاحشة ويعلى من قدر نماذج السوء
فبأي زاد تطلبون من خلاله الله أن ينزل الغيث، إلا أن كنتم تتصورون الاسلام هزلا وعبثا وعشوائية
مايجمع بين كل النماذج التي ذكرتها، أن أصحابها أشخاص تمضي حياتهم منفلتة لاتكاد تحدها ضوابط من أخلاق ودين، فتصوروا أن الاسلام والتدين عموما أيضا خلط وخبط وعبث، وأن الله جل جلاله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، يتصرف كمايتصرفون اتفاقيا وبارتجالية وبعشوائية، لذلك تصدر منهم تلك التصورات المنفلتة ويدعون بذلك الدعاء الخائب الذي يطلبون فيه دخول الجنة مرة واحدة، بل ومن دون حساب، هكذا
*************
(1) الحقيقة مادفعني لكتابة هذا المقال هو ما قرأته منذ قليل لأحدهم يدعو بهذا الدعاء، وقد اعترضني من قبل أدعية مشابهة