الانطلاق من قضية صحيحة لدعم قضية فاسدة، نموذج التعاطف مع عبث الايرانيات بالمساجد
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 879 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تتداول صور عبث الايرانيات بالمساجد واماكن العبادة عموما، في سياق صراع سياسي يتقابل فيه الغرب ضد ايران في احدى جولات صراعهم المتصل منذ عقود
ولأن الغرب يلزمه ادوات في صراعاته فقد وظف في هذه الجولة من الصراع، المرأة، وأثار حقيقة ان المراة في ايران مجبرة في الاماكن العامة على لبس الحجاب
تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي التونسية صور عبث الايرانيات بالمساجد، وتعاطف التونسيون رغم ذلك العبث، معهن، من منطلق الخلاف حول وجوب الزام لبس الحجاب رغم الاتفاق حول فرضيته التي لاجدال فيها (هذه قضية صحيحة)، لكنهم بتعاطفهم ذلك الذي له بعض صوابية، لم ينتبهوا لكونهم تحولوا آليا وضمنيا لمساندين للعديد من القضايا الاخرى التي تخدم الغرب وتحارب الاسلام، اي انه تعاطف تحول لدور وظيفي في صراع سياسي ينتهي في مصلحة الغرب (هذه قضية فاسدة)
1- اذا كنا نتحدث من منطلق الاسلام، فعلينا الانضباط به في مواقفنا كلها على الاقل في هذا الموضوع
فإذا كان الاسلام لم يدع للاجبار على لبس الحجاب حسب رأيهم، فإنه دعا للنهي عن المنكر، والتبرج الذي يروج له الغرب ويشيعه وتتحرك من اجله هؤلاء النسوة، منكر يجب منعه من هذا المنطلق في المجال العام
هؤلاء الفتيات يدعين للتهتك على النمط الغربي وليس لرفض لبس الحجاب فقط ودليل ذلك لبسهن، فهن ممثلات للغرب وادوات إلحاق به مثل النساء الديموقراطيات وتفريعاتها لدينا بتونس، فكان يفترض الوقوف ضدهن من هذا المنطلق الاسلامي الذي استعملتموه للوقوف معهن بزعم ان الحجاب لم يقع الإلزام بلبسه في الاسلام
2- ان تكون معارضا للنظام السياسي الايراني، لايعني القبول بالاصطفاف مع الغرب ضده، لان اصطفافك يحولك لتابع ومجرد وظيفي صغير تقدم خدمة في مشروع الغرب الكبير وهو تعميم نموذجه المركزي العقدي على كل العالم، وهذا هو سبب عدائه لايران والاتحاد السوفياتي والصين
3- الصراع مع إيران في اساسه صراع حضاري بين مركزية غربية تريد ان تزيل اي معارضة عقدية فكرية في العالم، وبين ايران التي تقدم نموذجا لمركزية ناشئة تقول انها تعتمد الاسلام، وان تكون تلك المركزية الايرانية بها تشوهات لايعني ان تقف مع المركزية العقدية الغربية التي تحمل ايضا تشوهات كبيرة
4- مساندة الغرب في صراعه مع ايران اذن عمل وظيفي يخدم الغرب انطلاقا من قضية صحيحة في اولها وهي رفض اجبارية لبس الحجاب، ومثل هذه المغالطات لها نماذج عديدة:
* الاسلام لم يفرض (اللباس بالقسر) لبس الحجاب (قضية صحيحة)، اذن فالحجاب في الاسلام فرض (فريضة) من منطلق الحرية الشخصية (قضية فاسدة)
هذا فهم فاسد، لان الموضوع يجب ان يتناول في مستوى اخر وهو المجال المفاهيمي المشتق من مركزية عقدية (المركزية الاسلامية مقابل المركزية الغربية)، فان يشترك مجالان في نقاط معينة لايعني أنهما يشتركان في نفس النهايات وتفسيرات الافعال ومنها اللباس
* الاسلام دعا لقيم الحرية والكرامة (قضية صحيحة)، والغرب ايضا دعا لذلك، فنحن ندخل ونوافق اذن على مفهوم القيم الكونية (قضية فاسدة)
هذا فهم فاسد لانه لايكفي الاتفاق على مصطلح الحرية حيث انها مفهوم مضاف اي حرية ماذا، وهذه المعاني الملحقة / المضافة اليها، تتأتى من مجال مفاهيمي تضبطه المرجعية والمركزية العقدية، لذلك معاني الحرية في الاسلام غير معانيها في المركزية الغربية
القيم الكونية اساسا مفهوم لامعنى له خارج المركزية الغربية التي تقول بمفاهيمها وصحتها دون غيرها، لذلك اوجدت هذا المصطلح للتربع وحيدة على عرش المعاني من دون منازع، فهو اساسا مصطلح عنجهي يعكس سطوة لامادية غربية متقدمة