ناكر الأصل حينما يصنع سيارة يسميها "واليس" وحينما يصنع طائرة يسميها "فينيكس": نماذج لضحايا الاقتلاع وكره الذات
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 896 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لعلكم تذكرون قصة ذلك الذي نشأ في بيئة متواضعة ماديا، فدرس ثم تخرج و أصبح ذا شأن، وذات مرة لما كان بمقر عمله زاره أبوه، فاختلى به ونبهه بأن لا يأتيه مرة أخرى لذلك المكان
ولما سأله زملاؤه من هذا الذي أتاك، قال لهم: "إنه السارح متاعنا"، أي إنه راعي الأغنام لدينا
يعرف الناس هذه القصة ويعرفون دلالاتها السيئة، لكنهم لاينتبهون كون أغلب واقعنا تحكمه هذه الصيغ الوضيعة، التي مفادها كره الذات والتنكر للأصل
---------------------
آخر الاخبار المفرحة من بعض الزوايا أن مجمع "تلنات" كشف عن صنعه طائرة مسيرة عسكرية بالاشتراك مع وزارة الدفاع، سماها "فينيكس"
وقبل ذلك تعرفون أنه توجد شركة تونسية تصنع السيارات، وسماها أصحابها التونسيون: "واليس كار"
وتوجد شركة أخرى تونسية تصنع السيارات الكهربائية سماها صاحبها التونسي "باكو موتورز"
وتسمعون كذلك بالشركة التونسية التي تصنع الروبوتات وسماها صاحبها التونسي "إينوفا روبوتيكس"
وتسمعون كذلك بالشركة التونسية التي تصنع الطائرات الخفيفة والتي سماها أصحابها التونسيون: "أفيوناف"
---------------------
الكثير ممن هم ضحايا عمليات الاقتلاع من الهوية، ولطول تطبيعهم مع وضع كره الذات ونكران الأصل، سيقولون لي أين المشكل الذي تتحدث عنه
للفهم، انظر لعينات أخرى لدى من ليس لهم مشكلة مع هويتهم:
- روسيا تسمى أهم انجازاتها باسماء روسية: "سيوز" صاروخ الاطلاق للفضاء، "مير" محطة الفضاء
-"اسرائيل" تسمى انجازاتها باسماء تحمل هوية يهودية: "ميركافا" دبابة باسم عبري، "عوزي" رشاش يحمل اسما عبريا
- ايران تسمي اهم انجازاتها باسماء عربية وفارسية: "شاهد" طائرة مسيرة تخوض حاليا الحرب في اكرانيا، "غدير" غواصة ايرانية، وصواريخ ايران اغلبها تحمل اسماء شخصيات ايرانية
- تركيا: طائرة "برقدار" وهو اسم تركي
نحن بتونس، لايسمون انجازاتهم لا باسماء رموز علمية تونسة: ابن خلدون، ابن الجزار.. ولا باسماء رموز مقاومة كان يمكن ان تتسمى بها الطائرة العسكرية كالازهر الشرايطي او الدغباجي، ولا يستعملون اسماء تاريخية تونسية كحنبعل ولا اسماء مدن تونسية كالقيروان
نحن يستعملون اسماء تحيل للثقافة الاغريقية اليونانية اي الغربية: واليس، فينيكس، افيوناف....
إنه الإنكسار النفسي المعشش في أعماق النفس وسويدائها الذي يجعل صاحبه مهموما بالتقرب من الغرب وطلب رضاه حتى بانتحال اسمائهم
---------------------
على أية حال لايجب أن نستغرب كثيرا ممن وقعت تنشأته على كره ذاته ونكران أصله، أن يستعمل اسما غير عربي لمنتوجه العلمي المتميز
كيف تريدون ممن يصنع طائرة أو سيارة أن يسميها باسم عربي او باسم شخصية تونسية، وقد وقع تربيته أن بلده ليس فيها أي شخصية جديرة بالتقدير وان بلده عبارة عن موطن خراب أتتها فرنسا في مهمة تحضيرية للإعمار لذلك لحد الان يصفون التواجد الفرنسي بتونس بالإستعمار وليس بالإحتلال
كيف ممن وقع إفهامه أننا لا شيئ وأن فرنسا والغرب عموما هم أربابنا وعلينا طاعتهم والتقرب منهم والانحناء اليهم، كيف لا يقوم باختيار اسم ذي رنين غربي لمنتوجه: فينيكس، واليس، افيوناف....
كيف لمن نشئ وهو يرى الفرنسية لغة المحتل تملئ شوارع بلده وساحاته وتدرس منذ الطفولة، مقابل شبه غياب للغته العربية، كيف لمثل هذا أن تطلب منه أن ياتي الان ويحترم لغتك وبلدك وتاريخ بلدك ورموزه
كيف لبلد يقوم فيه الحزب الاكبر الذي يقول إنه يدافع عن الهوية، بالتقرب من الغرب واستعمال مفاهيمه حين تبرير وتفسير هويته، واذكر إن أردت استعمال رموز "النهضة" لمصطلحات القيم الكونية وتبريرهم الحجاب الاسلامي بكونه حرية شخصية، عوض استعمال المصطلحات النابعة من مركزيتهم العقدية الاسلامية
كيف لمثل هذا البلد أن تلوم فيه من ينكر أصله وقد أنكر الكثير قبله أصولهم