استعمال الحِكَم والأقول لتبرير الواقع ولفهمه
نموذج قولة "قرامشي"
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 831 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يتداول العديد الحِكَم لكي يبرر بها موقفه من مسألة ما او لتفسير الواقع، و آخر ذلك تداول بعضهم قوله منسوبة لقرامشي: “بين عصر قديم يحتضر وآخر جديد ينبلج..قد تظهر الوحوش"
ويتخذ هؤلاء هذه القولة كمنطلق للفهم والتبرير
أنا لن أناقش هذه القولة في محتواها، و إنما سأتناول هذا الولع بالحكم والأقوال في فهم الواقع
1- يجب أن نعرف أن الكلام نوعان، كلام لايستحق تبريرا لأنه متفق عليه عقليا ابتداء، وكلام غير ذلك
2- الكلام من النوع الأول هو ما يسمى الأوليات العقلية كجمع الاعداد (واحد مع واحد يساوي اثنين) أو استحالة المحالات (الميت لايرجع للحياة)، ثم يليه بأقل صرامة عقلية، المسلمات داخل مجال مفاهيمي ما وهي المحرمات والمقبولات في دين ما وشرائعه أو ماشابهه من قيم متفق عليها في بيئة
3- ماعدا هذين الصنفين من المواضيع، فإن أي كلام لامعنى له مالم يقع تبريره عقليا، فأي كلام مهما علا زخرفه اللغوي وبلاغته يبقى معناه لايجاوز قائله، مالم يثبت ويبرهن على سلامة بنائه العقلي
4- التبرير العقلي له قواعد عديدة تستعمل للقول بصحة سياق وبناء كلامي ما، منها وجوب خلوه من المغالطات وهي عديدة، و أهمها خلوه من المصادرات والتحكمات التي تمثل أكبر مغالطة يقع استعمالها في الكلام العادي
5-الحِكَم والأقول المشهورة، عادة مجرد كلام فضفاض تغري ببلاغتها وبنائها اللغوي الطنّان، ولكنها عادة تكون ذات تركيب لايصح عقليا، أو على الأقل لايمكن تعميمها بحيث تصبح قاعدة
6- يمكن للحِكَم المشتقة من التجارب أن تعمم لكنه تعميم لايجاوز شروط وجودها، فهي لاتصلح أن تستعمل هكذا كأنها قاعدة عامة
7- قولة قرامشي أعلاه، لا يمكن إدراجها لا في الحِكَم ولا في البلاغة، فلايفهم من اين تتأتى قيمتها التي تجعل الكثير يدرجها في استعمالاته
"قرامشي" يقول كلاما يقرب للتوقع السياسي وفيه احتمالية الصواب والخطإ كأي توقع يقوم به أحدهم، وهي قولة لا يوجد بها أي محور فكري متميز بحيث تصبح قاعدة
8- الارجح أن الإقبال على استعمال هذه القولة، يرجع لكونها منسوبة لقرامشي، وهنا إشكال آخر وهو أن البعض يعتقد أن قيمة القول ليس في محتواه وبنائه الداخلي و إنما في قائله، وهذا راي فاسد، لأن الكلام حينما يصدر من الشخص فإنه يستقل عنه ولايعود يربطه به أي رابط يزوده بقيمة مضافة، فالكلام يحمل قيمته من قيمة ألفاظه وتركيبها الذي يعطي المعنى، وليس من قيمة قائله