عيد الحب، عيد المرأة، عيد البنت: الأحاديث والآيات لتكريس المركزية الغربية والتبعية لها
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 815 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اعترضتني تدوينة لناشطة إسلامية معروفة، في تعلّق بما يسمى عيد البنت، يدور محتواها حول كون الإسلام أيضا أعطى أهمية للمرأة في مستوى البنت وبجّلها، وأسرفت صاحبة التدوينة في التدليل على أهمية المرأة في الإسلام وهي تبدىء وتعيد في التأكيد على كون الإسلام أيضا يعطي قيمة للبنت مثلما يفعل الغرب
وصاحبة التدوينة ومن يماثلها من مفكرين وزعماء لطالما تجدهم محتفين بالمناسبات التي ترد علينا دوريا كعيد المرأة وعيد الحب وعيد البنت وعيد الشجرة وماشابهها، فتراهم يهبّون كل حين مروجين لها يسابقون غيرهم للتميز فيها لكي لا يتهموا بالتخلف والشذوذ عن المجتمع، وتجدهم ينبشون في الآيات والأحاديث للتذكير بأن "الإسلام أيضا" يحتفي بالمرأة والبنت والحب والشجرة
أتناول الموضوع كما يلي:
1- المناسبات الثقافية تعكس بالضرورة مجالا مفاهيميا ما يدور في أفق مركزية عقدية معينة، وذلك حسب ترتيب الدوائر اللامادية للتأثير وهي العقيدة فالفكر فالثقافة
ولما كانت مناسبات عيد المرأة وعيد البنت وعيد الحب منتوج ثقافي غربي فإنه بالضرورة يحمل ثقافة وبعضا من فكر المركزية العقدية الغربية المغالبة للإسلام
2-الفعل الثقافي (في حالتنا عيد البنت أو عيد الحب أو عيد المرأة) يحمل في بنائه جزءا من المجال المفاهيمي الذي أنتجه أي يحمل بالضرورة أفكارا ومفاهيما أنتجت واتخذت معاني داخل المركزية الغربية، و أن تستورد ذلك الفعل الثقافي فأنت تقوم باستيراد بذور الفكر الغربي وتقوم بتوطينه لديك، وأن تحتفل وتعمل على الترويج لذلك الفعل الثقافي الغربي فأنت تقوم برعاية عدو كامن سينمو مستقبلا وينمو معه فعل مغالبة ثقافتك وفكرك وعقيدتك
3- سيقول قائل نحن أيضا نريد أن نعبر عن احترامنا للمرأة والبنت، والرد أننا كمسلمين نحترم المرأة ولكن ليس بنفس طريقة احترامهم لها، والمرأة لدينا وأدوارها غير ما لديهم
ثم أنه يوجد عامل آخر لجعل الفرق بين أفعالنا وأفعالهم شاسعا بحيث لن تلتقي، هو كون الأفعال لدينا تتحرك في بعدين وهما بعد الشهادة (الواقع) وبعد الغيب، بينما المركزية الغربية وفكرها وثقافتها لا تعترف إلا ببعد الواقع، وهذا الفرق لوحده يجعل أي فعل ثقافي وارد منهم فاسدا إبتداء ولايصلح لنا، لأنه سيكون متحركا في بُعد واحد
بينما نحن كمسلمين فإن تميزنا هو أن أفعالنا تنشد الاستزادة في بُعد الواقع ولكن كذلك في بعد الغيب أي الأجر الأخروي، لذلك فإن أفعالنا تؤطر دائما بالحلال والحرام لأنها تتحرك في بعدين، وثقافتنا عليها أن تعكس هذين البعدين وهو ما لا تقوم به المناسبات الثقافية المستوردة
4- الذي يسعى للبرهنة على أن الإسلام أعْلى من شأن المرأة في سياق الإحتفال بفعل ثقافي ذي منشأ غربي، فإنه يريد أن يقول أنه يقبل بالمعيارية والمسطرة الغربية التي استورد منها فعلها الثقافي
لكن الأخطر أن تلك المساعي تمثل مجهودا للقبول بك داخل دائرة المركزية الغربية، فأنت بتبريراتك كأنك تقدم وثائق تؤكد جدارتك للدخول تحت دائرة المركزية العقدية الغربية، لأن توضيحاتك بالقول أن الاسلام أعطى قيمة للمرأة، تمثل قبولا منك بالمعيارية الغربية للتقييم، ولا يفعل ذلك إلا من ارتضاها مرجعا، وإلا فالذي يتحرك في دائرة عقدية أخرى فما يهمه إن رضي الغرب عنه أم لم يرض، لماذا تطلب رضاهم عنك إن لم تكن معنيا بالإلتحاق بهم والإنضباط بمعياريتهم
المسلم عليه أن لايهمه رأي الغربي في فكره وثقافته، ولامعنى لسعيك لتبرير أفعالك وطلب رضا الغير عنك، إلا ان يكون فعلا دعويا فذلك أمر آخر لأنه ساعتها لن يكون بغرض طلب الرضا بدلالته المباشرة
5- أفعال التقرب من الغرب من خلال تبني مناسباته الثقافية، يمثل عملا تخريبيا من الداخل للمجال المفاهيمي الإسلامي ومجهودا إلحاقيا بالغرب المغالب عقديا، فهنا نحن إزاء إستعمال متون إسلامية من قرآن وأحاديث لتكريس التبعية للغرب وتبني مركزيته العقدية عوض محاربة ذلك، لا ينفي هذه الحقيقة جهل من قام بذلك، ذلك