الفاعلية الفردية وضرورة إعادة النظر في المجال المفاهيمي
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 816 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كنت تحدثت من قبل اكثر من مرة عن الفاعلية الفردية، باعتبارها شرط تغيير الواقع، وقلت ان الانقلابي قيس سعيد مثلا يملك شروط تلك الفاعلية لذلك يتقدم في أعماله الانقلابية، مقابل غياب شروط الفاعلية الفردية لدى من يزعم التصدي للانقلاب
أما الآن فاني اضيف لشروط الفاعلية الفردية تلك شرطا جديدا وهو ضرورة اعادة النظر في المجال المفاهيمي، وهو ما ساقوم بتوضيحه لاحقا
للتذكير فقد وضحت ان الفاعلية الفردية اعرفها كالتالي: انجاز فعل ما بغرض بلوغ هدف ما، بأقل جهد ممكن في أقل وقت ممكن
هنا الفاعلية متغيرة نسبة لثلاثة عوامل، وهي: الهدف، الطاقة والجهد اللازم لبلوغ الهدف، الوقت المستغرق في بلوغ الهدف
ثم قلت ان هذه المتغيرات الثلاثة يلزم لتحقيقها بأفضل النتائج أي بفاعلية، شروطا أخرى ضمنية وهي: الثقة بالنفس، الارادة القوية، وضوح الهدف
وبعض أسباب ضعف التصدي للانقلاب ولمنظومة فرنسا عموما من نقابات واعلام، هو غياب هذه الشروط أي : الثقة بالنفس، الارادة القوية، وضوح الهدف
كنت بينت ان الفاعلية قيمة غير معيارية، أي ان فاعلية انجاز ما مثلا، ايجابية في مستوى القيمة لكنها قد تكون سلبية ان نحن قسناها بمسطرة الأخلاق والقيم
فالقاتل مثلا حينما يرتكب جريمة القتل فعال من حيث زاوية النظر للفعل في المطلق أي تحققه، لكنه انجاز سلبي من زاوية نظر الأخلاق والمعيارية
نفس الشيء مع مرتكب فعل السرقة الناجحة، فهو فعال في المطلق لكنه عمل سلبي معياريا
يعني الحكم بالفاعلية لانجاز ما لايعني صوابيته معياريا، لكن يمكن ان يكون متوفرا على الشرطين أي فعالا ومقبولا اخلاقيا
وجوب إعادة النظر في المجال المفاهيمي
لكن تبين لي بعد تأمل ان تلك الشروط لاتكفي لوحدها لكي تكون الفاعلية تامة، اذ يمكن ان تقوم بانجاز هدف في أقل وقت وبأقل مجهود ثم يتبين ان ذلك لا يخدمك وان خراجه يصب في مصلحة غيرك، أي ان مجهوداتك وفاعليتك تخدم مصلحة غيرك
اذن كيف العمل للتأكد من ان فاعليتنا في انجاز الفعل تخدمني حقا ولاتخدم غيري، كيف اتاكد انني لست وظيفيا
هنا يأتي الشرط الذي اضيفه لتكون الفاعلية كاملة، وهو ضرورة إعادة النظر في المرجعية اللامادية الضابطة للواقع أي المجال الذي تتحرك فيه وتنجز ذلك الفعل ويعطيه قيمة معيارية، انه المجال المفاهيمي المشتق بدوره من خلفية عقدية
المجال المفاهيمي هي مجموعة المفاهيم السائدة والتصورات المعتمدة كمصدر لتفسير الافعال واعطائها قيمة معياريا من خلال تصنيفها نسبة لسلم قيم
هذه المرجعية اللامادية تكون عادة هي التي تزود ادوات تشكيل الاذهان من تعليم واعلام وثقافة وتشكل الخلفية لمجمل اراء الناس
واهمية إعادة النظر في المجال المفاهيمي، تتأتى من حقيقة كون هذا البناء الذهني يمكن ان يكون كله مصمما بحيث يصب في مصلحة من صممه اولا، وان أنت لم تعد النظر فيه فأعمالك كلها لن تكون سوى تكريسا وتقوية للواقع
نحن في تونس مثلا علينا، لكي تكون أعمالنا التي نقصد بها تغيير الواقع فعالة وتامة في فعاليتها، اعادة النظر في البناء المفاهيمي الذي يضبط واقعنا والذي تم فرضه على التونسيين منذ عقود، وهو مااسميه منظومة فرنسا وادواتها لتشكيل الاذهان، اذ فرنسا ومنظومتها هي التي صاغت اسس الواقع بتونس الذي نتحرك فيه منذ عقود ماسمي استقلالا
أي عمل لايبدأ باعادة النظر في تلك المنظومة التي تخنقنا سيكون لاقيمة له من حيث انه سينتهي لتكريس الواقع، و حين نعيد النظر في خلفية الواقع الذي نتحرك فيه، نكون فد أنجزنا شرط اعادة النظر في المجال المفاهيمي كشرط للفاعلية الفردية