استعمال اللهجات في المعلقات يكرس التفاوت الجهوي والعنصرية داخل البلد الواحد
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 889 محور: تفكيك منظومة فرنسا
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كنت من قبل تحدثت عن خطر استعمال اللهجات في المعلقات الاشهارية وفي الاعلام، وان ذلك يساهم في ضرب اللغة العربية واستبعادها من الفعل، مما ينتهي لتثبيت واقع جديد محوره اللغة الفرنسية تسندها لهجات ركيكة
هناك بعد اخر لخطر اللهجات، ذلك ان استعمال اللهجة في المعلقات الاعلانية، يساهم في تكريس التفاوت الجهوي وتثبيت العنصرية الذهنية الجهوية وعلوية جهة ما عن غيرها
لنتناول ذلك في نقاط:
1- المعلقات الاشهارية التي تنتشر بكل ولايات تونس، تستعمل لهجة العاصمة وضواحيها لمخاطبة سكان المناطق الداخلية
مثلا انا لما كنت مرة بمدينة قفصة (الجنوب الغربي التونسي) شاهدت معلقة اشهارية كبيرة كانت تملأ احدى الساحات وكتب عليها بلهجة العاصمة والساحل التالي: "فمة حاجة ...." بالفاء، بينما نحن بجهة قفصة وبوزيد وحتى القصرين، بل حتى الجنوب الشرقي، نقول ثمة، مثل العربية الفصحى
معلقات اخرى رايتها تكتب: "....يجيك فطورك"، وهم يقصدون يأتيك غداؤك، بينما نحن بقفصة وكل تلك المناطق، الفطور نقصد به فطور الصباح مثل العربية الفصحى، واكل منتصف النهار نسميه غداء وفي الليل نسميه عشاء، يعني كالعربية الفصحى
معلقة اخرى كتبت: "...تصب الشتاء"، وهم يقصدون المطر، وهذا بالنسبة لجهات الجنوب مقزز، ان تقول لي يصب الشتاء، لان نحن نقول تصب المطر والشتاء هو فصل وليس مطرا
وغيرها من الاستعمالات التي نعتبرها نحن أهل الجنوب غريبة، كاستعمال لفظ البارحة الذي يقصدون به أمس عكس مناطق الجنوب التي تستعمل لفظي البارحة وامس بمعانيها كما في العربية الفصحى، وهو استعمال يحدث سوء فهم احيانا
2- اذن حينما تاتي لبلدتي ومدينتي و "حومتي"، وتخاطبني بلهجة دارجة ثم تكون بلهجة غير لهجتي مع الاخذ بعين الاعتبار انك تبيع منتوجا وتتودد لي لكي اشتريه منك، ثم لا تعطي قيمة للهجتي، فهذا يعني احتقارا كبيرا لي ولمنطقتي
ويزيد من نسبة الاحتقار ان الشركة التي انتجت الاعلان لم تعط سكان تلك المناطق الداخلية قيمة بحيث توزع معلقة تخاطبهم بلهجتهم، بل رات انهم لايستحقون ذلك، وهم اقل من ان يفردوا بشيئ وتعامل خاص بهم
3- وان لاتكون الشركة المنتجة للملصقات الاعلانية او الشركة صاحبة المنتوج على وعي بكل ابعاد الاحتقار للمناطق الداخلية من خلال الاعلان الذي يستعمل لهجة العاصمة، فذلك يؤكد التالي:
* ان تلك المناطق رسخ في المخيال الجمعي انهم اقل من ان ينتبه لهم او ان تحترم ثقافتهم او لهجاتهم
* تلك مناطق من درجة ثانية اذ حتى لو اعترضوا فاعتراضهم وعدمه سواء، فهنا احتقار لرد الفعل المحتمل
* هذا الفعل الاحتقاري يمثل مجهودا اضافيا لاسناد وتقوية عمليات الحقرة التي تعرضت لها تلك المناطق لعقود منذ حكم منظومة فرنسا تونس
4- استعمال اللهجات في المعلقات الاشهارية مادام يستعمل لهجة العاصمة، يمثل عملا لدعم تسلط النخبة الموالية لفرنسا التي تتحكم في تونس منذ عقود، تسلطها على باقي جهات البلاد ومركزة السلطة في جهة العاصمة والساحل، وهذا كان ولازال خادما لتحكم فرنسا في تونس
5- استعمال اللهجات في المعلقات الاشهارية، يمثل مساهمة في مجهود التشكيل الذهني محوره التمييز الجهوي بجعل مركزية القوة والسلطة والرمزية الثقافية لدى العاصمة والساحل، امرا واقعا والسعي للاقناع به، عوض العمل على مقاومته وتفكيكه
لكل ذلك يجب التصدي لاستعمال اللهجات في المعلقات الاشهارية و الاعلام ومنعها بل وتجريمها
----------- فوزي مسعود ------------
#فوزي_مسعود
#هيا_نتصدى_لفرنسا
#منظومة_فرنسا
#تفكيك_منظومة_فرنسا
#تونس_التاريخية_الكبرى