البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

فقر المعنى والوعي الموجه و الفرد التابع: نموذج قضية فلسطين وصراع السنة والشيعة

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 1269
 محور:  مقالات في المعنى

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من الناس من تجده يقول حين تناول الواقع أن قضية كذا استعملت لتلهيتنا، وهو صادق في ذلك، إذ الكثير من القضايا الصحيحة والصادقة في ذاتها استعملت لتوجيه الناس وجعلهم غير منتبهين لمسائل أخرى، وقد يقع تلهية الجموع بمجرد قضايا أخرى خلافية في أصلها لم ولن يحسم فيها

نحن إزاء أحد أوجه التحكم في الناس تستعمله المنظومات الحاكمة بكفاءة تشارك في تنزيله واقعا أدوات تشكيل الأذهان بمختلف مستوياتها: تعليم، إعلام، ثقافة، اقتصاد، ثم الفواعل الإلحاقية أي المنفذون لمحتوى تلك الأدوات من رجال دين وسياسيين

الوعي بالموجودات مادية أو لامادية، كما عرفته من قبل (1) هو مقدار الإدراك بحقيقة موجود، فهو حاصل قسمة مقدار الإدراك الذاتي على مقدار الحقيقة الموضوعية الواقعية، بالتالي فالإدراك بالموجود يمكن أن يكون عشرة بالمائة أو خمسين أو تسعين على حسب تمكنك من زوايا النظر والاطلاع على الحقيقة الواقعية

إذن فالوعي نسبة يصعب أن تبلغ الكمال أي مائة بالمائة، لأن حقيقة الموجودات بالواقع يكاد يستحيل الإحاطة بها إلا إذا نظرنا من كل زواياها وهذا يستحيل في اللاماديات ويصعب في الموجودات المادية

والوعي مفهوم ذاتي متعلق بإدراكك أنت الحقيقة من زاويتك أنت في سياق بحثك وفهمك الحقيقة التي تريد الوصول إليها، فهي مسار زمني كل مراحلة ذاتية

ولما كان الوعي لازمه التمكن من عناصر الواقع التي تتيح لك زوايا الاطلاع على حقيقة الموجود، ولما كان الواقع مما لا يمكن التحكم في عناصره تلك في واقعنا الحالي، فإن الوعي بحقائق موجودات الواقع سيكون حتما منقوصا

ثم لما كانت مفاهيم الموجودات تتحكم في معانيها طبقة منتجي المعاني كما وضحنا في المقالات السابقة من إعلام وتعليم وثقافة (2)، فإن الوعي في مستوى مقدار الإدراك الذاتي للموجودات مبني أساسا على معاني موجهة ومتحكم فيها، فالوعي بهذا المعنى يستحيل أن يكون وعيا حقيقيا أي كمال الحقيقة بالموجود الموضوعي الحقيقي

واعتبارا لهذين اللازمين في واقعنا الحالي، فإنه يمكننا القول بحتمية استحالة وجود وعي صائب بالحقائق في واقعنا الحالي بشروطه التي أولها وجود منظومة توجيه ذهني كما وضحناها في المقالات السابقة تهدف للتحكم في الناس وتصييرهم تبعا إمعات

الوعي الموجه: قضية فلسطين وصراع السنة والشيعة

من نماذج ذلك ذكر موضوع حقيقي ولكن زمنه يقع التحكم فيه، مثل قضية فلسطين فإن المتحكمين بالواقع يثيرونها لتحقيق أغراض عديدة، ثم كما أظهروا قضية فلسطين يغيبونها بنفس الأدوات من إعلام وغيره

هذا ما أسميه وعيا موجها، فهو وعي صحيح في ذاته لكن الناس لم تنتج شروطه الذاتية، أي لم يكن وعيا من خلال اطلاع وبحث وتأمل ذاتي في المسالة، ولأنه وعي غير منتج ذاتيا فإنه يسهل التحكم فيه وتفسيره والتلاعب به

ونماذج هذا الوعي المتحكم فيه، الوعي بقضية سوريا ومآسي السوريين الإنسانية فهو كلام صحيح لكنه ينفخ فيه لأغراض تخدم من أثار ذلك الوعي، وقضية ليبيا و مسألة الأقليات وعموم القضايا التي تثار فجأة ثم تغيب فجأة أخرى، فهي كلها من نوع الوعي الموجه تهدف لتوظيف الناس لخدمة قضايا المتحكمين بالواقع

لذلك فان الوعي الموجه وعي زائف لا يجب أن يعتد ويعوّل عليه، وطريقة التخلص منه الابتعاد عما تروجه وتدعو له أدوات تشكيل الأذهان

ولكن القضية موضوع الوعي تبقى قضية واجب الاعتناء بها إن كانت صحيحة، ولكن الوعي بها يجب أن يكون مستقلا عن حوامل المفاهيم المتحكمين بالوقع، أي أن قضية فلسطين قضية صحيحة ونحن من يجب علينا أن ننتج وعينا بها وننتج شروط ذلك الوعي، لأن لازم الوعي بفلسطين سيكون حتما الوعي بخطر فرنسا لأنه لا يكون وعيا بفلسطين ما لم يكن يوجد وعي بخطر فرنسا على تونس وإلا فان الوعي بفلسطين وعي موجه، و سيكون وعيا جزئيا فقط ومؤقتا لا خطر من ورائه

كما أن الوعي الموجه لا يتناول فقط القضايا الصحيحة والمتفق عليها كقضية فلسطين، بل قد يتناول مسائلا خلافية فيستدعيها من التاريخ مثلا بغرض تأبيد اهتمام الناس بها وفي تفاصيلها التي لا تنتهي، إذ إلهاء الناس في صراعات عبثية يمكن أن يكون فيه مصلحة للبعض للتغطية عن أمور أهم لا يراد للناس الانتباه لها

مثل ذلك، فإن استدعاء الخلاف السني الشيعي موضوع عبثي تروج له بقوة آلة الدعاية السعودية ومن يتحرك في مجالها من تنظيمات سلفية ومتحدثين ذوي قدرات إعلامية مهولة( لبعضهم قنوات تلفزية وقنوات يوتيوب ويتابعهم الملايين)، ويتلقف العامة (بل حتى المفكرون) هذا الصراع التافهة لترويجه، وينشغل الكل بهذا الموضوع الذي لو تناولته جزئيا فستجد في بعضه كلاما معقولا (مثلا حينما يقولون أن الشيعة يرون أن القران محرف كما ردد ذلك أبو يعرب المرزوقي، لكن هذا تفصيل نادر الحدوث ولم يقل به إلا شرذمة تبرأت منهم الشيعة قبل السنة، ولكنه يستعمل بغرض التوجيه لإنجاح خطة التلهية)

هذا الصراع التاريخي احد مظاهر تخلفنا و كان يفترض علينا العمل على التخلص منه لا إحياءه أي إن إسلامنا نزل من ربنا إسلاما واحدا وان التقسيمات الطائفية أمر طارئ عليه لا يجب أن نعترف به لا أن نبني عليه، وما ترونه كله مسار من إنتاج آل سعود لاستعماله في صراعهم السياسي على الزعامة الإقليمية مع إيران
ولذلك ترون أن الكثير يرتضي بان يكون وظيفيا وأداة تستعمل كحطب معارك، من خلال الوعي الموجه

آليات التحكم في الوعي وتوجيهه

الآن لو نظرنا من زاوية أخرى لعملية التحكم في الوعي سنجد أنها تتم من خلال استغلال بعض الآليات:

1. وحدة المفهوم وتعدد الزوايا:
الموجودات نسبة لزوايا تناولها نوعان، إما أنها تحافظ على مفهومها مهما تعددت زوايا النظر أو لا، فحدث الموت مثلا من أي زاوية نظرت له، سيبقى موتا ولن يتغير
بينما حدث إطلاق النار على مجموعة أخرى، فإن المفهوم سيتغير حسب الزاوية التي تنظر منها للحدث، فإن كنت من السكان المحليين فسيكون إطلاق النار مقاومة و إن كنت تنظر من زاوية القوة التي دخلت تلك الأماكن فسيكون الحدث إرهابا
وتعدد الزوايا نسبة لموجود واحد آلية تمكن من التحكم في الوعي لدى الناس

2. وحدة المفهوم وتعدد المصاديق:
الموجودات نسبة لعدد مصاديقها إما تكون واحدة فقط أو متعددة، فالموت مثلا مفهوم ومصداقه واحد بشرط أن نكون في مستوى معين من التجريد المفهومي وإلا فإننا لن نصل لمفهوم واحد للموت أيضا، بينما الشجاعة والجبن والكرامة والوفاء هذه مفاهيم لكن مصاديقها أي معانيها وتصديقاتها تتعدد، وهو تعدد ليس بالضرورة تعدد زوايا نظر وإنما تعدد في نفس مستوى الزاوية الواحدة فالذي يشتغل استغناء عن السؤال ذو كرامة والذي يقاوم الظلم ذو كرامة أيضا، بينما حينما تقول أن الداعرة العامل بالماخور أو التي تشتغل بجسدها راقصة أو غيرها، إنما تفعل ذلك لكرامتها هنا مصداق آخر للمفهوم لكن من زاوية أخرى أي تعدد المصداق بتعدد زوايا النظر

وتعدد مصاديق المفهوم اليوم تستعمل كوسيلة للتحكم في وعي الناس وتحويلهم تبعا إمعات

-------------
(1) ينظر لبحث: الآليات الذهنية لصناعة الضحايا (4) – المعنى والمعمارية الفكرية
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=9998

(2) ينظر لبحوث:
الفرد الإمعي/ التابع والبحث عن المعنى
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=10279

طبقات المعنى والمفهوم والأداة: التحكم الذهني في الفرد التابع
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=10283

فقر المعنى لدى الفرد التابع / الإمعة سبب عمليات التحكم بالواقع
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=10285


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

التبعية، الامعية، الواقع، تشكيل الأذهان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-08-2022  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء