البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

في بعض الهزائم انتصار.. ولكن الطريق طويلة

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2799



مهلا.. هذا المقال لا يحيل إلى طائر العنقاء الخرافي، فلا أحد يقوم من رماده إذا احترق.. ولقد بعنا للأطفال هذه الخرافة ومثلها، ووجب الآن التوقف عن بيع الأوهام للأطفال. لقد هرمنا ولم نقبض على لحظة تاريخية. إن وهم العنقاء يحيل إلى الاستسلام في اللحظة وانتظار المعجزة في زمن آت. زمن البعث لم يأت أبدا، فهو عملية نفخ في رماد عسى العنقاء أن... ولكن نحتاج في هذه اللحظة إلى ضحك أسود. فالبعث معسكر في دمشق يقود الأمة من غرفة نومه، وهذا هو الانتصار الوحيد لأنه قاع الهزيمة المطلقة، ولا عنقاء إنما الحقيقة عارية. والسؤال دون فلسفة، لماذا لا تحل هذه الشعوب نفسها كما تفعل الشركات وتترك الأرض لمن يعمرها؟

ثلاثة قرون من الحديث عن أمة عربية لا وجود لها

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا. لكن مربعا يعيش ربيعه مطمئنا. فالفرزدق كذاب أشر. من نطق الكذبة الأولى عن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة؟ متى كان ذلك؟ لقد كذب على التاريخ. لم تبن هذه الأمة أبدا. لقد استطاب الناس متعة القوة في الكلام وبنوا وهمهم على بطولات المتنبي (الذي اندثر في أول معركة خاضها، والتي كانت الأخيرة بالضرورة)، ثم استمروا في التقاتل على تراث سخيف، حتى أن لغتهم الجامعة لا تحظى عندهم بالتقدير الكافي، فالحديث بينهم بلغة أجنبية يعتبر رقيّا اجتماعيا تحصل به على الوظائف والمكانات ويسوّق كحداثة كاملة.

يوجد في العرب غثاء بشري يزيد ولا ينقص، ويمول أسواق العمالة في أوروبا بيد عاملة رخيصة وذليلة، لكنه لا يبني اقتصاده الخاص.

توجد لدى العرب ثروات طبيعية متنوعة وغير قابلة للنفاد، لكنهم يمولون بها خزائن أوروبا وبالمجان تقريبا.

توجد لدى العرب جامعات وتعليم متدرج وشهادات دكتوراة، ويوشك كل متعلم عربي أن يضع حرف الدال أمام اسمه، لكنهم جيش مكسيكي، فأفضل خبراتهم تبيع نفسها لتشتغل في جامعات أوروبية وأمريكية.

يوجد لدى العرب قرن عشرين بدأ بعمر المختار وانتهى بخليفة حفتر، فهل يحق لكاتب أن يكتب عن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة؟ متى يجب أن نتوقف عن الكذب على أطفالنا؟

والقضية المركزية يا حبيبي؟

لو (لو اللعينة) ترك الفلسطينيون لحالهم لكانوا استعادوا أرضهم وأغلقوا ملفهم. طبعا، كانوا سينتجون كما كبيرا من الأكاذيب العربية مماثلا لما ينتجه أي بلد آخر، وربما حكمهم بورقيبة أو ناصر آخر كذاب سفيه. ليست القضية إلا ذريعة لتحقيق التوازن الاستراتيجي مع العدو (انظر لهذه الكلمات الثلاث الأثقل من ثلاث قنابل نووية).

أعلى الأصوات الصارخة بتحرير فلسطين هي التي خربت فلسطين وقضيتها، وهي التي كسرت ظهر كل فلسطيني قاوم منذ أول القرن، بعد كذب مسترسل بنصرة القضية، وخاصة بعد بطولات البعث الممانع من غرفة نومه تتعرى القناعة القديمة بأن الفلسطيني كفيل بنفسه، ويكفي أن يُترك لحاله مع عدوه الذي لن يصمد ساعة. يكفي أن يرفع الأدعياء أيديهم عن القضية.إذا توقفت الخناجر الأخوية عن الطعن في ظهر الفلسطيني سيتقدم نحو بلده ويستعديها. لا قضية مركزية للأمة العربية إذن بل ذريعة لقمع الشعوب باسم تحرير فلسطين (رأسي الآن مليئة بموسيقى عسكرية صادرة عن صوت العرب من القاهرة). القاهرة أول القابضين من لحم القضية، وأعلى أصوات تحريرها في الإذاعة، وأول المندحرين عنها في المعاركة المصطنعة

والربيع العربي؟

أوشك أن أراه بعد طول أمل ورجاء صرخة بشر مرت عليه شاحنة ثقيلة فصرخ موجوعا قبل أن يموت.. كذلك كانت صرخات الاستقلال من الاستعمار المباشر، لكن قبل همود الصرخة كانت الصفقات قد عقدت واستقر الأمر للمستعمر القديم دون دفع ثمن من الدم. والربيع العربي استعادة.. فقبل جمع خيام الاعتصامات كان المستعمر القديم قد وضع رجاله في طريق الثورة (ما أجمل التسمية).

لا تثريب على المستعمر فهو مستعمر غاشم بل الهزيمة صادرة من الداخل. الداخل لا يملك خطة لأنه لا يملك ثقافة التحرر والكرامة رغم الرغاء المسترسل بالأمة العربية الواحدة ذات الرسالة. إننا نرى عربا كثرا يشربون الأنخاب مع ألد أعدائهم؛ نكاية في بعض بني قومهم. والسبب؟ خلاف حول شكل البيضة أو حول جمل الترحم على الموتى. فمن قال "رحم الله الميت" هو رجعي متخلف إخوانجي عميل للمخابرات البريطانية، ومن قال لروحه السلام فهو تقدمي ثوري تنويري؛ يمكنه أن يشرب القهوة مع السفير الفرنسي ويقبض تمويلات لدعم استعمال اللغة الفرنسية الموجهة للشعب الأمي في الأرياف.

الداخل العربي أعجز من أن ينتج خطة للحرية

روح مهزومة؟ لا. لوحة سوداء؟ نعم.. لا بد من صفع المرء نفسه ليفيق من غفوته أو من ركوده البائس. هزائم تتوالى؟ نعم.. وليست قنابل ترامب إلا فصل من كتاب لا يزال مفتوحا على الهزائم. وجب الوصول إلى القاع، ففي القاع أحد أمرين: رسوب نهائي وفسح مجال للحياة أن تستمر في مكان آخر بأشخاص آخرين، أو هبة فوق السطح وسباحة حتى النجاة.

إن الخراب الفكري الذي أحدثته الأيديولوجيات الوافدة على المشهد الثقافي والسياسي في الأقطار العربية المفككة هو الذي خرب معارك الاستقلال ومعارك التنمية ومعارك الحرية. وجب إذن أن نتحدث عن خونة الداخل أو الصهاينة العرب، فهم أخطر من الصهاينة الذين يحتلون فلسطين. بل هم وسيلة الاحتلال. من هم؟ وهل لهم وجوه وأسماء؟ نعم.. من أين نبدأ القائمة؟

- الذين رفضوا تعليمنا بالعربية، ومنعوا جهود الترجمة وتوطين العلوم بجامعتنا أولئك صهاينة.

- الذين يستمرئون القهوة مع الصهاينة ويصعّرون خدودهم لنا أولئك صهاينة.

- الذين كانوا زملاءنا بالجامعة ثم تحولوا إلى زبانية عند ابن علي يسوموننا سوء العذاب.. أولئك صهاينة عرب.

- الذين يقيمون المآتم الآن على ابن علي وعلى القذافي وحفتر وعلى بشار الممانع.. أولئك أنذل الصهاينة البكائين.

هذه أجمل ثمرات الهزائم. انكشف القاع انكشاف أعداء الداخل. لكن الطريق طويلة.

على الشعوب العربية أن تحل نفسها

يعيشون من الهزيمة ويستمرئون بيع كرامتهم لعدوهم، ويبددون ثرواتهم ويكفرون بثقافتهم ولغتهم؟ ماذا بقي منهم كشعوب بالتعريف المتفق عليه لشعب ذي روابط لا تنفصم. لا روابط، هنا شعب في محطات سفر يريد الهروب إلى جهة ما. ليكن، ولكن قبل ذلك على هذه الشعوب أن تحل نفسها كشعوب، ليعلن كل فرد براءته من نفسه ومن تاريخه ومن رقعته الجغرافية التي يعيشها كسجن.

ستكون سابقة عبقرية شعوب تعلن حل نفسها (استعمل جمع غير العاقل)، وهو ممكن لأنها كانت شعوبا شركات أو شعوبا من التجار الجوالة. عقد التجار ينفرط بعد إتمام الصفقة أو عند فشلها. وقد سقطت كل صفقاتها في الهزيمة. هنا موقف تاريخي وأخلاقي أخير، وهو الوجه الوحيد الجميل في الهزيمة؛ أن نرى الحقيقة، وأن تسقط الأكاذيب السارية بعد الأكاذيب المؤسسة أكاذيب الأنظمة التي صدقتها الشعوب.

هل المقال متشائم بما يكفي؟ ليس بعد.

ما زال عدد السوريين أكثر مما يحتاج الزعيم، وما زال القائد في غرفة نومه يستعد لحرب الممانعة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، حركات التحرر العربي، الثورات الإجتماعية، الإنتكاسات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-04-2018   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي العابد، د - عادل رضا، وائل بنجدو، محمود طرشوبي، مجدى داود، ضحى عبد الرحمن، محرر "بوابتي"، مصطفى منيغ، صالح النعامي ، رافع القارصي، خبَّاب بن مروان الحمد، كريم السليتي، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ماهر عدنان قنديل، حاتم الصولي، سيد السباعي، د - الضاوي خوالدية، فتحي الزغل، سفيان عبد الكافي، عمار غيلوفي، أحمد ملحم، د.محمد فتحي عبد العال، بيلسان قيصر، سعود السبعاني، محمود فاروق سيد شعبان، يزيد بن الحسين، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الرزاق قيراط ، حسن عثمان، عراق المطيري، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد النعيمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد الحباسي، نادية سعد، المولدي اليوسفي، يحيي البوليني، د. أحمد بشير، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، منجي باكير، سليمان أحمد أبو ستة، أنس الشابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الله الفقير، محمد عمر غرس الله، عمر غازي، محمد الطرابلسي، حسن الطرابلسي، عزيز العرباوي، فهمي شراب، محمد العيادي، الناصر الرقيق، د - صالح المازقي، أشرف إبراهيم حجاج، د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، مصطفي زهران، محمد شمام ، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، أبو سمية، محمد علي العقربي، صفاء العراقي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، رضا الدبّابي، طارق خفاجي، حميدة الطيلوش، صلاح الحريري، د. طارق عبد الحليم، د - محمد بنيعيش، عواطف منصور، د- هاني ابوالفتوح، فوزي مسعود ، رمضان حينوني، العادل السمعلي، أ.د. مصطفى رجب، د - مصطفى فهمي، عبد الله زيدان، علي عبد العال، تونسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، د. مصطفى يوسف اللداوي، إيمى الأشقر، رشيد السيد أحمد، صفاء العربي، سلوى المغربي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، محمد الياسين، د - شاكر الحوكي ، سامح لطف الله، د. صلاح عودة الله ، الهادي المثلوثي، مراد قميزة، د. خالد الطراولي ، سامر أبو رمان ، سلام الشماع، عبد الغني مزوز، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، ياسين أحمد، صلاح المختار، رافد العزاوي، عبد العزيز كحيل، إسراء أبو رمان، خالد الجاف ، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، فتحـي قاره بيبـان، طلال قسومي، صباح الموسوي ، محمد أحمد عزوز، محمود سلطان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز