عبد الحليم خفاجي رحلة كفاح

طارق خفاجي - مصر من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 4520

يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط

ولد عبد الحليم خفاجي في السابع و العشرين من رمضان سنة 1350هـ الموافق السادس من فبراير سنة 1932م بقرية مرصفا . انتقل بعد ذلك إلي كفر السرايا ( الفلل الآن ) ببنها بمحافظة القليوبية حيث كان يعمل والده حسنين أفندي موظفا بالمساحة . بعد أن حصل علي الثانوية العامة التحق في بادئ الأمر بمدرسة المعلمين العليا بالأورمان بالجيزة لأن التعليم بها بالمجان ، ولكن رغم كل هذه الظروف العصيبة من ضيق ذات اليد ورغبة والده في أن يستمر في مدرسة المعلمين العليا المجانية والتي توفر فرصة عمل سريعة لخريجيها اختار الأستاذ عبد الحليم خفاجي أن يسلك الطريق الصعب وبدأ يدرس القانون ويعمل معتمدا علي نفسه حتي يوفر مصاريف الدراسة ولا يكلف والده عناء فوق عناء.

استمر علي هذا الحال حتي حصل علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة سنة 1954 م . و قبل تخرجه استطاع أن يحصل علي فرصة عمل تعينه علي مصاريف الدراسة حيث عمل أمينا لتوريدات مدرسة قليوب الثانوية للبنين .

ووزع وقته بين العمل بالمدرسة والدراسة بكلية الحقوق وكان يقتنص الأوقات في تنقلها من العمل بقليوب إلي القاهرة حيث الدراسة والسكن كان يذاكر ويتابع المحاضرات بين القطارات والترامات وكان يقضي يوم الجمعة في صحن الجامع الأزهر أو في أحد المساجد الأثرية بالغورية يستذكر دروسه .

رغم كل هذه المشاغل إلا ان الأستاذ عبد الحليم خفاجي كان مهموما بمرصفا وبأصدقاء الصبا أعضاء نادي الطلبة ( طلبة مرصفا ) لذي أسسه مع آخرين من أبناء مرصفا في صيف 1948م وكان رئيس النادي بالانتخاب " الأستاذ سند قدوسة " والد الطبيبين أسامة و رضا سند . وكان حفل تدشين النادي بدار مناسبات المشايخ بمرصفا ، كانت رغبة عبد الحليم خفاجي أن يربط نادي طلبة مرصفا برابطة أبناء مرصفا بالقاهرة .

وبعد فترة و بالتحديد بعد حريق القاهرة تحول نادي الطلبة بمرصفا إلي شعبة من شعب الإخوان المسلمين بعد أن انضم الأستاذ عبد الحليم خفاجي و الأستاذ رفعت القويسني إلى جماعة الإخوان المسلمين ومنذ ذلك التاريخ تغير مجري حياة الأستاذ عبد الحليم خفاجي فمع محنة الإخوان و خلافهم مع عبد الناصر و بعد حادث المنشية الشهير اعتقل الكثير و الكثير من أعضاء جماعة الإخوان ، وأصبحت أسرهم بلا مأوي وبلا عائل ينفق عليهم فقام عبد الحليم خفاجي بجمع الأموال ويقوم بتوزيعها على بيوت الإخوان المعتقلين ليس هذا فحسب بل أصبح منزله مأوي يتخفي فيه الهاربون من رجال الأمن و كان من هؤلاء الأستاذ رفعت القويسني - من نفس قرية الأستاذ عبد الحليم خفاجي - المحكوم عليه بعشر سنوات غيابيا و غيره من الإخوان ، واستمر علي هذا الحال حتي تم القبض عليه يوم الأحد 10/ 4 / 1955 م بتهمة أنه عضو في جهاز التمويل لأسر الإخوان المعتقلين .

وكانت التهم الموجهة إليه هي :
إيواء الهاربين ، و تمويل أسر المعتقلين ، وتوزيع منشورات تناهض النظام ، وتزوير البطاقات المدرسية .وحكم عليه بعشر سنوات ، و أفرج عنه في الرابع عشر من نوفمبر سنة 1964م . خلال هذا السنوات العجاف تنقل فيها بين معظم سجون ومعتقلات مصر بداية من السجن الحربي و كان ممن معه في السجن الحربي من أبناء قرية مرصفا الأفاضل الأخوة سعد الشيخ ( الدكتور سعد المرصفي فيما بعد أستاذ الحديث و علومه بدولة الكويت الآن ) و رفعت القويسني و عفيفي القاضي و عبد المقصود حبيشي المرصفي و غيرهم ، ورغم انهم في مكان واحد إلا أنه لم يتمكن من لقائهم ، فلتتخيل عزيزي القاريء مدي المعاناة التي عاناها المصريون في تلك الحقبة الزمنية . قضى بالسجن الحربي عامين كاملين انتقل بعدها إلى ليمان طرة و سجن الواحات ثم سجن المحاريق و سجن بني سويف و سجن أسيوط و سجن القناطر و سجن أبي زعبل و غيرها و غيرها .

وبعد خروجه في عام 1964 م صدر قرارا في سبتمبر 1965 م بإعادة اعتقال كل من سبق اعتقاله منذ سنة 1952 م واستمر معتقلا هذه المرة لمدة تزيد على خمس سنوات .

وبعد خروجه من المعتقل بعد وفاة عبد الناصر عمل مفتشا للتحقيقات بمديرية بنها التعليمية ثم انتقل إلي ديوان الوزارة ،وبعد ذلك جاءته رسالة من الأخ الأستاذ أحمد حجاج بالكويت بداخل الخطاب تذكرة دعوة لزيارة الكويت وفيها عمل باحثا قانونيا بوزارة العدل الكويتية وبعد سبع سنوات قضاها في الكويت هاجر إلى ألمانيا الغربية ( قبل اتحاد المانيا) واستقر بميونخ بمقاطعة بافاريا وكان ذلك في عام 1979م .
عمل بالمركز الإسلامي بميونخ حتي أصبح سكرتير المركز عندما كان الأستاذ محمد مهدي عاكف (المرشد السابع لجماعة الإخوان ) رئيسا للمركز . ثم أصبح رئيسا للمركز الإسلامي بميونخ .
أسس مدرسة تدرس المنهجين العربي و الألماني عام 1981م
أسس معهدا لتعليم اللغة العربية للألمان عام 1982م .
أسس مؤسسة بافاريا للإعلام و النشر عام 1983 م .
وطاف بمعظم بلدان العالم حاملا معه آلام و آمال الدعوة الإسلامية
و من أهم الأعمال التي يعتز بها الأستاذ عبد الحليم خفاجي هو ترجمة معاني القرآن الكريم وهو ما يسميه الأستاذ الفتوح العشر .

وفي سبتمبر سنة 2001 سافر إلى البوسنة والهرسك لمراجعة النسخة النهائية لترجمة القرآن الكريم، وأثناء إقامته هناك و كان يرافقه أحد الأخوة الأردنيين ، و يبدو أنه كان مراقبا من قبل المخابرات الأمريكية حيث تم الاعتداء عليه ضربا بأعقاب بنادق الجنود الإمريكيين ضربا مبرحا مما أحدث جروحا غائرة في الرأس مما أدى إلى فقدانه الذاكرة تدريجيا إلى أن فقدها بشكل تام في أواخر حياته . كل هذا حدث و نحن أهله في مصر لا نعرف شيئا حتى قرأت بالصدفة خبرا في الصفحة الأولى بجريدة أفاق عربية يقول : " اختفاء الدكتور عبد الحليم خفاجي من مطار القاهرة في ظروف غامضة " و بعد لا يقل عن أسبوعين يظهر الأستاذ عبد الحليم خفاجي و نعرف منه أنه كان في المخابرات المصرية بعد أن سلمته أمريكا لمصر ، و بعد التحقيق معه تبين للجميع أنه بعيد كل البعد عن تفجيرات 11 سبتمبر و أن كل نشاطه كان منصبا على ترجمة معاني القرآن الكريم للغات الأجنبية .

بعد أن حققت معه السلطات الأمنية المصرية أطلقت سراحة لعدم ثبوت أية تهمة ضده فعاد إلى ألمانيا من جديد .

أخر زيارة له لمصر كانت عام 2010 م و زار فيها قريته مرصفا بمحافظة القليوبية و توافد عليه أهل مرصفا كبارا و صغارا ليسلموا عليه و جاءت له أيضا جموع كثيرة من الإخوان المسلمين أذكر منهم الأستاذ عبد الرحمن البنان و الأستاذ محمود حامد . و أثناء إقامته بمصر أصيب بجلطة نقل على إثرها إلى مستشفى السلام الدولي بالمعادي ، و بعد أن تحسنت حالته صحية عاد مرة أخرى إلى ألمانيا و ظل هناك في صراع مع المرض صابرا محتسبا حتى فاضت روحه الكريمة إلى بارئها في يوم السبت 31 أغسطس 2013 م . وقد أقيمت جنازته بمدينة ميونيخ وحضرها جمع كبير من أصدقائه ومحبيه من كل ألمانيا بله من بعض الدول الأوروبية والعربية وقد أتوا كلهم لأن لكل واحد منهم قصة أوتجربة أوموقف مع الأستاذ عبد الحليم خفاجي كما قال الدكتور أحمد الخليفة في كلمته التأبينية .
أهم مؤلفاته :
1- حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون . 2- -عندما غابت الشمس . 3- قصاص لا إعدام . 4- كواكب حول الرسول و قضية التعدد . 5- ملك السجن .. قصة واقعية من داخل الزنزانة . 6- دور أوروبا في مستقبل العمل الإسلامي . 7- مختصر كتاب روض الرياحين في حكايات الصالحين . 8- أختي المؤمنة ( مجموعة رسائل عن الروح أرسلها الأستاذ إلى شقيقته بعد وفاة زوجها ) . 9- آيات ربانية و الرد على آيات سلمان رشدي الشيطانية . 10 - ترجمة معاني القرآن الكريم .

ويقوم علي تلك الترجمة فريق عمل من تخصصات مختلفة وكان يشرف عليهم جميعا الأستاذ عبد الحليم خفاجي

و في الختام الله أسأل أن أكون قد وفقت في تقديم لمحات من حياة مجاهد عاش و مات في سبيل دعوة الحق و القوة و الحرية .

اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

عبد الحليم خفاجي، دعاة، مصر، الإخوان المسلمون، الحركات الإسلامية،

4-09-2017

لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه

رابط المقال

لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال

البريد الإلكتروني

اسمك