د.محمد حاج بكري - تركيا / سورية
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3323
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ان الثورة في سورية بقيادة جموع الشعب وعلى الاخص الشباب اثبتت ان الشعب يوما ما اذا أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر واثبتت مدى هشاشة هذا النظام الاستبدادي التسلطي أمام دهشة العالم والقوى الداعمة له مما ادى الى اننا أمام مشهد عالمي جديد يرسم الشعب معالمه ونحن نتناول هنا بعض مكامن القوة في هذا النظام
فوفق دراسة اقتصادية تم طرح فلسفة واقتصاد الخصخصة و اعادة هيكله للقطاع العام وحرية السوق تحت غطاء الاصلاح والتحديث و التطوير وذلك تمهيدا لتهيئة المناخ الملائم لهيمنة اجهزة السلطة الحاكمة في سوريا ومن يلوذ بهم من المقربين على مفاصل الاقتصاد مما يزيد سلطتهم وكذلك العمل على تنمية الموارد المالية التي تسهم في دعم ركائز السلطة وعلى رأسها الأفرع الأمنية بمختلف مسمياتها أمن عسكري أمن دولة أمن سياسي مخابرات جوية وغيرها ونعتذر عن ذكرها بالكامل لكثرتها ثم كان الضغط على المعروف مجازا بالرأسمالية الوطنية لتندمج مع النظام وتعلن ولائها للسلطة الحاكمة مقابل تقديم بعض الامتيازات حتى وصلنا الى مرحلة التزاوج بين رأس المال و السلطة والخطوة الهامة التي اتبعها النظام طوال فترة حكمه هي ابعاد كافة العناصر غير الموالية عن كافة المؤسسات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية حتى الوظائف الادارية مستندا الى قوانين الفصل و العزل التي فصلها على قياسه وتحت شعارات متعددة وترفيع العناصر الموالية بهذه المؤسسات الى المراكز القيادية ومنحهم العديد من الامتيازات الاقتصادية من خلال تأسيس شركات ومصالح بحيث يتحولون تدريجيا لرجال أعمال يصعب عليهم مستقبلا وتحت أي ظرف التضحية بهذه المكاسب وهذا ما نراه حاليا ثم عمد الى اعادة صياغة وهيكلة الاقتصاد بحيث تبقى الهيمنة الأساسية لمفاصل الاقتصاد بيد السلطة الممثلة للكيان السياسي المهيمن والرأسمالية الموالية للأفرع الأمنية وكانت له السيطرة على كافة النقابات فلاحين عمال مقاولين محامين أطباء مهندسين وغيرهم وبغض النظر عن الوسيلة والعمل من خلالها على تهميش الدور الحيوي لها بما يأمن اضعاف كافة القوى السياسية الاخرى المتمثلة في الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الشبه معدومة اصلا واذا وجدت فسمتها الأساسية التبعية ثم وأد القطاع التعاوني وهمشه وأضعف مؤسساته المحدودة جدا باعتباره يمثل أهم القطاعات الاجتماعية والاقتصادية للشرائح الفقيرة المعدومة والتي تمثل القسم الأكبر من المجتمع
سعى الى تهميش دور المثقفين وقيادات الفكر وارساء سياسة التعتيم ونشر الأفكار التي تخدم القائد والحزب من خلال أجهزة الاعلام المقروء والمسموع والمرئي وتهجير القسم الأكبر منهم أو الزج به في غياهب السجون والمعتقلات
كان مجلس الشعب مؤسسة تشريعية صورية عبر تزوير عملية الانتخابات واضفاء شكل ديمقراطي على المسرح السياسي ارضاء للتيار الدولي الذي يدعو لصيانة حقوق الانسان وحقيقة الامر ان المجلس في سورية كان عبارة عن مجموعة من الكومبارس الذين تم تفصيلهم واختيارهم من الاكثر ولاء للنظام هذه العوامل المذكورة وهي غيض من فيض كانت بمباركة من القوى الغربية حيث تتلاقى مصالحها مع مصالح هذا النظام سواء الاقتصادية او السياسية او الامنية فربط الاقتصاد بهذه القوى امر جوهري وحيوي واستراتيجي في قبالة الدعم السياسي و الاقتصادي و العسكري و من خلال هذا الواقع يتضح تماما تجذر هذه النظم الاستبدادية وتشكيلها امبراطورية بالغة التعقيد ولا يمكن أن تسقط كما يتصور البعض بخروج مظاهرات سلمية ولو كانت بالملايين
في ثورتنا حقيقة يتضح غياب القيادة والرؤية الواضحة المعالم بكيفية مواجهة هذا النظام و تقويضه أي أننا لم ندرس اسباب القوة وطرق محاربتها وكذلك غياب كامل للتصورات والدراسات المستقبلية بعد القضاء على هذا النظام فمثلا ماهو الدستور الامثل مقابل الدستور القائم ومسودات القوانين التي ستكون ضرورية لتامين ترجمة الدستور على أرض الواقع لاحقا وما هي السياسات المالية والاقتصادية الواقعية التي يمكن ان تؤمن اعادة هيكلة اقتصاد الدولة بما يأمن المصلحة العلية للبلد والنأي عن مصادر الهيمنة والتبعية وتحديد شكل الحكومة الانتقالية المناسبة التي تلبي حاجات المرحلة با لاضافة الى الكثير من الدراسات المتعلقة بمستقبل سورية والتي يجب طرحها على الشعب و الثوار لبيان مدى اهميتها وضرورتها لبناء الدولة مستقبلا ولكي تلتف حولها القاعدة العريضة من الشعب باعتبارها تمثل مركزا حقيقيا لفحوى التغيير الذي تنشده وتنادي به الثورة كما يجب تيني مبدأ المحاسبة القانونية لكافة الذين افسدوا الحياة الاقتصادية والسياسية وارتكبوا جرائم بحق المواطنين وتقديمهم للمحاكم كمبدأ اساسي ثم السعي الى تأسيس قيادة للقوى التي تتبنى هذه الطروحات تتمثل بها كافة أفراد الشعب مع تبني استمرار المواجهة المسلحة لأنه الخيار الأكثر فعالية لاسقاط النظام
ان اسقاط النظام لا يمر الا عبر مواجهة متكاملة وليس من خلال حلول جزئية وهي تأتي في عملية تصاعدية لكل مرحلة من مراحل المواجهة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: