محمد ناصر علي الرياشي - اليمن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6571
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثيراً ما نتحدث عن اللغة العربية و آفاقها و تطلعاتها في المستقبل و ندرسها ونتعمق في معانيها فنشعر أننا نخوض في نهرٍ واسع النطاق لأنها بحق غنية بالمفردات مليئة بالمعلومات وفيرة بالعبارات و الدلالات ، و قد تتبادر إلى أذهاننا معانيها و تعمل أفكارها على التواتر في عقولنا لتتشكل في قالب فني من العبارات الواسعة الخيال و لا شك من ذلك فهي لغة القرآن ، لغة الضاد ، واسعة النطاق ذات المعاني الشاملة و الدلالات المعبرة عن ألفاظها بمعاني مختلفة فبها نتكلم و بها نعبر عن الأحاسيس و المشاعر ، إنها بحق لغة العقل و الخيال لغة الشعر و الجمال بل ‘إنها لغة الإعجاز .
فإذا كانت الأمم تعنى بلغاتها القومية ، و تسعى إلى نشرها بمختلف الوسائل و السبل المختلفة ، فإن لغتنا العربية الفصحى ينبغي لها أن تحظى بكل رعاية و اهتمام فقد يتساءل البعض و يقول : لماذا ؟ فنقول : لأنها جامعة شملنا و موحدة كلمتنا و حافظة لتراثنا و لا ننسى أنها لغة قرآننا الذي به مصدر عزتنا و فخرنا بل و قوتنا كما أنها عنوان لشخصيتنا و رمز لكياننا القومي .
و لا نعجب فاللغة العربية في أمسها المنصرم كانت مناراً يشع نوراً فبها كتب القرآن و تناقلت الأخبار بين الأمصار و ورد ذكرها عند الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم عندما قال : « أحب العربية لثلاث : لأني عربي ، و القرآن عربي ، و كلام أهل الجنة عربي « صدقت يا رسول الله فما أجمل قولك ، و ما أروع بلاغتك ، و ما أدق صياغتك .
فاللغة العربية في أمسها المنصرم كانت لغة الشعر و النثر و الحديث معاً ففي الشعر الجاهلي أو الإسلامي و حتى العصر العباسي و بداية العصر الحديث قد اتسمت بمتانة التركيب و جمال الصياغة و دقة في اختيار المفردات اللغوية المعبرة ذات الدلالات الواضحة أحياناً و الغامضة أحياناً أخرى و مع كل ذلك فقد حافظت على مكانتها المرموقة .
لكننا نتفاجأ اليوم بأصواتٍ مناديةٍ ذات انبهارٍ بالثقافة الغربية و أفكارها الهدامة التي تدعو و بكل سخرية إلى ترك الكتابة بالعربية الفصحى و الانطلاق للكتابة بالعامية أيِّ : الدارجة التي تدار في الشوارع و يتحدث بها الأصدقاء مع بعضهم البعض ، ونحن نلاحظ ذلك و قد يندفع بعض الشباب العربي إلى هجر اللغة العربية فصحى و دارجة و الانطلاق إلى التحدث باللغات الأخرى كالإنجليزية و الفرنسية و هلم جراً ، و ينسى لغته الأم و تلك مصيبة عظيمة و ذلك ، لأن المدعيين بذلك أن اللغة العربية لا تواكب تطورات الحضارة الحديثة متجاهلين بذلك مكانتها المرموقة بين الأمم الأخرى و ناسيين شهادات الغرب الذي يندفعون ورائهم أن اللغة العربية من أفضل اللغات نطقاً و كتابةً و ذات دلالات واسعة .
فمن واجبنا أن ننظر إلى الأمم و الشعوب الأخرى و ماذا عملت من أجل الحفاظ على لغتها حتى يتسنى لنا الحفاظ على لغتنا ، و ما أصدق شاعر النيلين حافظ إبراهيم عندما يتحدث بلسان العربية و يقول :
أنا البحر في أحشائه الدُّر كامن *** فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
نعم إنها اللغة العربية ذات الأساليب الواضحة و المنسجمة مع معطيات و أفكار الأمة و هذا هو حال اللغة كما هو حال الأمة ، لكن اللغة العربية لغة الأمس المنصرم ستظل هي لغة اليوم المعاصر و لن تتبدل لأنها محفوظة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: