دولة الإمارات العربية المتحدة وموقفها من العراق
رابعاً : من سنة الاحتلال 2003 الى الان – الاخيرة
رافــد العــزاوي - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7038 Rafed70@Gmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كتب السيد الفريق الـركـن (عبد الله المؤمن) وهو الخبير العسكري الإستراتيجي والذي تجاوزت خبرته العملية 45 عاماً، جُملة في معرض تعليقهُ على إحدى مقالاتي بما يلي: [في دول العالم المتقدم، بعد كل حرب، يُكـتَبْ التاريخ العسكري بتحليل مُسهبْ وبتجرّد لكي يُستفاد من الدروس العسكرية المُتوخاة وما يُرافقها من (مواقف سياسية سواءاً كانت ايجابية او سلبية) للبلدان الصديقة والمجاورة ]
سأفتتح مقالتي الجديدة هذه بهذه الجملة من السيد الفريق، والذي كان له شرف المشاركة في حرب 1967 في مصر واللقاء شخصياً بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله، و و و ... الخ من تاريخ مجيد عظيم مملوء بالبطولات؛ أبتدأ بها لكي يستوعب من هاجمني بالمقالات السابقة بدون تعقّل وبدون فهم المعاني وراء كتاباتي.
سوف أتناول هنا عدة مواقف على شكل نقاط لكي نستذكر الماضي القريب:
بعد إحتلال بغداد والاعلان عن ذلك في 9/4/2003، ذُهل العرب بالذات من طريقة انتهاء عملية الاحتلال وبصورة صادمة، ولا أريد أن أدخل في دهاليز هذا الموضوع الذي تناوله الكثير من الخبراء العسكريين والسياسيين بالتحليل، ومن يريد أن يدخل فيه فليقرأ عما كتبه الخبير الأستراتيجي العراقي الكبير السيد (سليم الإمامي).
على أية حال
• من الضروري أن أذكر موقفا هاما جداً من مواقف دولة الامارات و رئيسها المغفور له سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فعندما بدأت العمليات العسكرية لقوات الإحتلال، صدرَ قرار إماراتي في أول يوم بدء العمليات العسكرية وتم نشرهُ في كافة الصحف الإماراتية وكان هذا نصه: [بامر من صاحب السمو رئيس الدولة يُعفى كافة العراقيين الموجودين في دولة الإمارات من أية تبعات قانونية نتيجة مخالفتهم لقوانين الاقامة في الدولة وحتى إشعار آخر نتيجة للاحداث المؤسفة التي يمر بها العراق الشقيق. صاحب سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات]؛ وقد إستفاد من هذا القرار مئات العراقيين المتواجدين في دولة الإمارات من الذين تقطّعت بهم السُبل ودخلوا في مخالفات قانونية نتيجة نفاذ جوازاتهم وبالتالي وجدوا أنفسهم في ورطة قانونية.
• أستطيع أن أقول أن أول موقف لدولة الامارات مما كان يجري في العراق هو شيء فاجىء كل العراقيين والعرب وهو إستضافة وزير الأعلام العراقي في النظام السابق (السيد محمد سعيد الصحاف) في دولة الإمارات، ومن ثم بعد ذلك توالى قدوم شخصيات عراقية كبيرة من رجال النظام السابق الى الامارات لكي يعيشوا فيها بأمان خصوصا بعد أن بدأت عمليات القتل والإغتيالات تطال كل من كان له علاقة بالنظام بغض النظر عما اذا كان قدر أرتكب شيء ما أو لم يفعل.
• وبعد ذلك تمت المباشرة بمخطط تصفية العلماء العراقيين الأفذاذ ومع شديد الاسف كان هناك 3 إختيارات أمام هذه الفئة الغالية جداً من أبناء شعبنا: فإما الذهاب الى الولايات المتحدة وتقديم خدماتهم هناك، أو القتل، والحل الاخير هو إيجاد دولة عربية تحتضنهم خصوصا لمن لا يمكنهم التقألم مع الاوضاع الإجتماعية الغربية، وهكذا نرى أن أعداد كبيرة جداً من العلماء قد توجهت لكي تستقر في المملكة الاردنية الهاشمية والامارات.
• مباشرة بعد إنتهاء العمليات العسكرية، بدأ الهلال الأحمر الإماراتي بشحن السفينة تلو السفينة من موانىء الامارات الى موانىء البصرة مُحملة بالادوية المُهمة والاجهزة الطبية، كما تم إفتتاح مستشفى إماراتي في بغداد ومستوصفات طبية في كل أنحاء العراق بدون تمييز طائفي، فقد كان هناك مستوصف في الناصرية، الموصل، شبه مستشفى في البصرة، والعديد من المحافظات العراقية، لكن بعد فترة توقف هذا (الجسر المائي الإنساني) للمساعدات! هل تعرفون لماذا؟! لأن هناك من أوصلَ معلومة خطيرة للهلال الاحمر الإماراتي مفادها أن هذه المساعدات المجانية من الاجهزة الطبية المتطورة والادوية كان يتم تفريغها من السفن الماراتية ويتم تحميلها على ظهر شاحنات حكومية عراقية، ومن ثم كانت هذه الشاحنات تتوجه الى إيـــــران، وبأمر من قيادة المجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق بقيادة (عبد العزيز الحكيم)!!
• بنفس الوقت شهدت الامارات إرتفاعاً شديداً بأسعار السيارات! لماذا؟ بسبب وصول الحواسم الى دبي وشراؤهم كل أنواع السيارات وشحنها للعراق.
• بعد تشكيل مجلس الحكم والذي تم فرضه كممثل سياسي مؤقت للسلطة في العراق، تم ترتيب زيارة للرئيس الدوري للمجلس الى دولة الامارات، وقد كان في وقتها يترأسهُ (إبراهيم الإشيقر) أو كما يُلقب (إبراهيم لغوة)؛ هنا أريد أن أقول شيء: السياسة تفرض أمور في بعض الاحيان غير مُستساغة من قبل عامة الناس، مثلا، الدولة الفارسية الصفوية في إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية منذ عام 1970، لكن دولة الامارات تستقبل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بشكل رسمي بروتوكولي، لانه في السياسة يجب أن يكون لدينا أفق واسع وبعيد، كما يجب أن تتوفر لدينا عقلية مرنة الى أبعد الحدود، ومع الاسف كل هذه الامور نحن لا نملك منها شيئاً؛ على كل حال جاء (إبراهيم لغوة) الى دبي وقد إنبهرَ إنبهاراً غير طبيعي بما رأه، وكل من حضروا اللقاء الذي تم تنظيمه في فندق ماريوت في دبي من العراقيين يتذكرون ماذا قال.
• يوم 16-5-2005، كان يوماً أسوداً في تاريخ العلاقات بين العراق والامارات، ففي هذا اليوم تم إختطاف سعادة (ناجي النعيمي) القنصل الإماراتي في العراق وتم قتل سائقه السوداني الجنسية المسلم الديانة! وبعد فترة زمنية قصيرة ظهر القنصل الإماراتي على شاشات القنوات الفضائية وهو حي يرزق وبقي مخطوف لمدة 14 يوماً!! الجهة الإسلامية ( جداً ) التي خطفتهُ أعلنت في وسائل الإعلام بتنفيذ أمرين مقابل إطلاق سراح القنصل الإماراتي:
1. أن تقطع الأمارات علاقتها الدبلوماسية مع العراق.
2. أن تقفل قناة (فحيح الافاعي الفيحاء) والتي كانت تبث من إمارة عجمان.
3. طبعا لم تعلن هذه الجهة الإسلامية ( جداً ) إنها تريد أن تغرف كم مليون دولار من الامارات أيضاً!!
هذا التصرف كان يعكس الافق الضيق للمسؤولين عن تلك الجهة الإسلامية ( جداً ) التي قامت بإختطاف الدبلوماسي الاماراتي، أو كان يعكس تأصل (الغباء والجهل) لتلك الجهة خصوصا وإنها قد أقتنعت بقبض الدولارات لاطلاق سراح الدبلوماسي الاماراتي الذي كان يعمل للشعب العراقي وليس للحكومة الصفوية في بغداد، وتم إغلاق السفارة الإماراتية في بغداد فعلا لكي يتم قطع سبيل المعروف، أما إغلاق قناة (فحيح الافاعي الفيحاء) فلم يكن نتيجة ما طلبه الارهابيين الخاطفين للدبلوماسي الاماراتي بل لأن دولة الامارات أكتشفت الارتباطات المشبوهة لتلك القناة، وتم إقفال القناة (بليلة ظلمة) مثل ما نقول بالعامية العراقية.
• في سنة 2005، تم تنظيم الانتخابات البرلمانية في العراق، وكان من ضمن الانتخابات أنه يجب ان تجري إنتخابات في خارج العراق للجاليات العراقية، والامارات كانت واحدة من تلك الدول، وفي وقتها تولت المفوضية العليا للانتخابات تنظيم هذه الانتخابات في الخارج، وقد تم ندب (حمدية الحسني) العلوية لكي تُشرف على إنتخابات الخارج، وهي بدورها إنتدبت (عبد الرضا الشهرستاني) شقيق (حسين الشهرستاني) العالم العراقي الشهير في (الفسنجون) لكي يكون مستشاراً في المفوضية في امور السرقة والنهب، طبعا هذا التعيين جاء على قاعدة أن كل حرامي يقوم بتوظيف حرامي آخر مثله في المكان المناسب للنهب أو اللغف، وفي وقتها حدث في آخر يوم من الانتخابات مشكلة كبرى كادت أن تؤدي الى الغاء كل الانتخابات في دولة الامارات! وهذه الحادثة هناك 300 عراقي شاهد عليها حيثُ أن هؤلاء الـــ300 عراقي كانوا يعملون كموظفين مؤقتين في الانتخابات، فقد أكتشفوا هؤلاء في اللحظات الآخيرة قبل اغلاق آخر صندوق إنتخابي أن مركز المفوضية في الاردن قد قام بتحويل كل الرواتب التي يستحقونها هؤلاء الموظفين الى كافة المراكز الانتخابية في جميع الدول، وفي ذلك الوقت لم يكن أي من هؤلاء الموظفين كان قد إستلم فلس واحد، حيثُ أن (عبد الرضا الشهرستاني) لم يرضى أن يعطيهم حقوقهم وتحجج بأن الموضوع المالي عند شخص آخر وهو (جاسم زبون السوداني) مندوب المفوضية الى الامارات! هنا لنضحك على الموضوع بكل قدرتنا، لأن الموضوع لم يتم حله الا بعد تدخل المسؤولين الاماراتيين والذين أجبروا (جاسم زبون السوداني) على منح أؤلئك الموظفين حقوقهم ولكنها كانت منقوصة! حيث كان من المفترض أن يُمنح كل موظف مبلغ (1500$) لكن (عبد الرضا الشهرستاني) و (جاسم زبون السوداني) منحوهم فقط (700$) لكل موظف، ولم يكن هذا عجيباً أو غريباً على شذاذ الافاق.
• يوم 30-12-2006، الموافق للعاشر من ذو الحجة، عيد الاضحى المبارك، أيضاً كان يوماً أسوداً في تاريخ العلاقات بين العراق والامارات، ففي هذا اليوم تم إعدام الرئيس صدام حسين رحمه الله في مصباح يوم العيد الاضحى المبارك. في ذلك اليوم تحول العيد الى حالة من الوجوم والحزن الشديد في كل الإمارات، وكان المفروض أن تكون هذه المناسبة سعيدة ولطيفة، ولم يحتفل حُكام الامارات بالمناسبة بما يليق بها، فقد كان هذا التصرف طائفي بحت، وهو يعبر عن قذارة مرتكبيه، لأن من قرر أن يكون الإعدام في هذا اليوم بالذات كانت قيادة فارس في قم وطهران، فهم أرادوا أن يقولوا للحكام العرب وللشعب العربي كله: [تفضلوا هذا خروف عيدكم] لأننا نعرف أن الايرانيين لا يحتفلون باي عيد أو مناسبة إسلامية الا بعد مرور يوم أو يومين على المناسبة في تصرف يؤكد على شق الصفوف وبتعمّد، ولكن المثل العربي يقول: [رب ضارة نافعة] فقد كان الإعدام بهذه الطريقة وتوقيع (نوري المالكي) على الاعدام وعلى توقيته، دليل ثابت على نهجه وعلى ما يُضمر في داخل قلبه للامة الأسلامية وللامة العربية وللعراق مما اوضح الصورة تماماً للجميع.
• بعد صدمة تنفيذ قرار الاعدام تقدم السفير (علي سبتي الحديثي) آخر سفير للنظام الشرعي للعراق في دولة الامارات تقدم بطلب لإقامة مجلس فاتحة على روح الرئيس صدام حسين رحمه الله، وقد تم منحه الموافقة على ذلك، وهنا تتجلى الاخلاق الاسلامية العالية للقيادة الاماراتية.
• في الشهر السابع من عام 2007، فاز المنتخب العراقي بكأس آسيا؛ بعد الفوز كان أعضاء الفريق العراقي ينتظرون طائرة عادية في رحلة تجارية عادية للعودة الى الاردن ومن ثم العراق، في وقتها كان "سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم" نائب رئيس دولة الإمارات و رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في فرنسا، وكان يُتابع الاحداث من هناك، وبمجرد أن تم إعلان نبأ الفوز فقد أعتبر سموه هذا الفوز هو فوز لكل العرب والعـراق جمجمة العرب كما قال الخليفة الفاروق (عمر بن الخطاب) رض الله عنه، ولهذا يتوجب على الامارات أن تحتفي بأسود الرافدين وعلى اعلى المستويات، ولهذا فقد أمــر سموه أن تتوجه ((طائرتهُ الخاصة)) من الامارات الى بانكوك لكي تنقل الفريق العراقي الى دبي للاحتفال به ولتكريم الفريق، كما وأتصل بالسفير الإماراتي في بانكوك لكي يقوم بتبليغ الفريق العراقي وإدارته بالموضوع بشكل رسمي، هذا في وقت كانت ادارة الفريق العراقي حائرة في كيفية تدبير نفقات الفريق لان الحكومة الفارسية في بغداد برئاسة جواد المالكي لم تكن ترغب أن يفوز الفريق العراقي لأن هذا الفوز كان سيدفع العراق وأحداثه الى واجهة الأحداث العالمية، وهي كانت (ولا زالت وستظل) حكومة خسيسة تهتم بسرقة الشعب العراقي وبتنفيذ الاجندة الفارسية في العراق وفي المنطقة العربية؛ على كل حال، بمجرد إنتهاء المباراة كان المقيمين العراقيين في الامارات قد خرجوا كلهم للاحتفال بهذا الفوز، ولكنهم أبداً لم يتصوروا الحب الكبير الذي يُكنه الشعب الإماراتي للشعب العراقي حيثُ خرج الإماراتيين أيضا للاحتفال بهذه المناسبة مع إخوانهم العراقيين بسياراتهم، بحيث أدى هذا الشيء الى إختناقات مرورية لا مثيل لها في دبي والشارقة وأبوظبي، وفي 31/7/2007، وصل الفريق العراقي الى دبي وكان هناك عدد من العراقيين ينتظرونه قرب المطار قبل ليلة كاملة، وتمت مواكبة الفريق الى الفندق الذي تم النزول فيه، وتقرر إقامة الإحتفال في ملعب النادي الاهلي في دبي ولكن بسبب الرطوبة الكبيرة التي تمتاز بها دبي في ذلك الوقت، لم يكن ممكننا أن يكون الاحتفال بالملعب ولهذا تم تبديله الى قاعة كرة السلة الموجودة من ضمن النادي والتي تتسع الى حوالي 3000 شخص، وقد كانت القاعة تغص فعلا بهذا الرقم الكبير من العراقيين، وأضطر باقي العراقيين الى متابعة أحداث الحفل من ملعب النادي حيثُ تم نصب شاشات تلفزيونية ضخمة للمشاهدين، وعند إبتداء الحفل، دخلت فرقة الموسيقى العسكرية لشرطة دبي الى القاعة، وكان من ضمن الحضور السفير العراقي في الامارات في ذلك الوقت (فارس الياور) شقيق (غازي الياور) والقنصل العام للعراق في دبي (عصمت صديق الجاف) وطبعاً أعضاء الهيئة الإدارية للفريق والفريق ومجموعة الفنانين العراقيين التي غنت الاغاني المشهورة للمناسبة، وقد حضر الحفل شخصياً (سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم) ممثلا عن سمو حاكم دبي للتأكيد على المكانة الكبيرة التي تكنّها الإمارات لهذا الفوز وللشعب العراقي، وبمجرد دخول (سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم) الى القاعة تعالت هتافات العراقيين: [هلة بيك هلة وبجيتك هلة !!!!] وبعدها تم عزف السلام الوطني العراقي وهنا كانت المفاجئة الرهيبة، حيثُ قامت الفرقة بعزف نشيد ((وطن مدا على الأفـق جناحا)) !! في هذه الاثناء إجتاحت نوبة من الإثارة الجنونية لكل من كان موجود في القاعة وأخذ كل العراقيين بلا إستثناء يغنون مع الالحان ينتابهم شعور عميق وكبير جدا بالفخر والعز مُستذكرين أيام كان العراق عـــِراقــا !! ولقد فهمَ من فهمَ الموقف وإستغبى من إستغبى لهذا الموقف! فدولة الامارات أرادت أن تُفهم الجميع إنها مع الشعب العراقي، تفرح لأفراحهِ وتحزن لإحزانهِ، وهي تفخر بان تُكرّم أبطالهِ، لكنها مازالت ترى العراق ((وطنٌ مــــدّا على الأفـقِ جناحا)).
• من الملاحظ إن كل السنوات التي أعقبت الاحتلال كانت اليد الفارسية هي الأقوى في كل الأحداث التي حصلت للعراق، ولهذا نرى إنحسار الدور العربي فيه بشكل كبير لأن الدول العربية لم تكن مستعدة أن تضحي بأبنائها أكثر خصوصاً لأن الجهة المقابلة لم تكن عراقية بل كانت إيرانية تسفك الدم بوحشية لا سابق لها، وكلنا نتذكر حادثة اختطاف السفير المصري والذي تم قتله فيما بعد؛ ولهذا فأن الأمارات بعد حادثة إختطاف القنصل الاماراتي لم يكن من الممكن ان تعود بسهولة الى العراق، ومع هذا فأنها قد قررت أن تعود والهدف هو إنقاذ ما يُمكن إنقاذه من البقية المُتبقية للنفس العربي في العراق.
• في مرحلة لا حقة، قررت دولة الامارات الغاء الديون العراقية بمختلف أنواعها على العراق مع فوائدها، هذا القرار يأتي من قيادة الامارات لكي يساهم في التخفيف من الاعباء الاقتصادية التي يواجهها الشعب العراقي؛ وطبعا هذا من وجهة نظر قيادة الامارات، لكن من الجانب العراقي الرسمي طبعا فرحت العصابة الحاكمة في عراق اليوم لأن هذا سيعني أن قيمة هذه الديون سوف تذهب الى جيوبهم هم بطريقة أو بأخرى.
هذه المواقف التي تم إستعراضها على مدى أربع حلقات في الواقع تمثل الأخلاق العالية التي يتخلق بها أهل الإمارات ككل وقيادة الإمارات بصورة خاصة؛ وفي الواقع فأن عدد كبير جداً من العراقيين قد إنتقدونني على هذه المقالات، وعدد أكبر مدحوني عليها، وقسم منهم إتهمونني بأنني أقبض (ثمن) لهذه المقالات، وهناك قسم إتهم المواقع التي تنشر لي بأنها هي من قبضت (ثمن) لهذه السلسلة، و و و ... الخ من هذه التهم والتي تُعبّر عن طبيعة عقل مَن يُطلقها، و تُعبّر عن قناعاتهِ السياسية، وأنا أصفها بأنها محاولة للتنفيس عن غضب بداخل الصدور ضد أي شيء بلا تمييز بلا قراءة للمستقبل بلا عقلانية ولا حتى ذرة منطق!
وفي الواقع لم تكن ردة الفعل هذه غريبة عندي ولكنني لم أتوقعها بمثل هذه السوداوية،
أنا لستُ في موقف أدافع فيه عن نفسي، ولن يهمني من يتقول عليَّ أبداً، ولن تهتز ولا شعرة في جسدي لأي شخص يحاول أن يخفي شمس الحقيقة بغربال تافه عفى عليه الزمن،المشكلة فينا نحنُ، متى ما جلسنا مع أنفسنا وتصارحنا، وحددنا أين مكمن الخطأ في كل ما جرى، عند ذاك فقط سوف نستطيع أن ننهض من جديد،
فنحنُ من 9/4/2003 الى حد اليوم، ثمان سنوات كاملة مرّت، ولم يخرج علينا شخص أو قائد سياسي وطني فعلا أو مجموعة من الوطنيين لكي يحددون أين كانت الاخطاء؟!! إستناداً على قاعدة [تحديد الخطأ يُساعد في تجنبهِ مُستقبلاً]،
وخلال هذه الفترة الزمنية، حملَ العملاء والاعداء معاولهم لهدم المجتمع العراقي ككل، وبالنتيجة حمل المتضررين مما حصل من نتائج الاحتلال معاولهم أيضاً وساهموا في الهدم كرد فعل، وهذا من وجهة نظرهم، من حقهم،
كل الشعب العراق هم أخيار، ومُحبين للعراق، مستعدين ان يفدوه بأوراحهم،
لكن الامور إختلطت بشكل كبير على شريحة كبيرة جداً من العراقيين، ويجب أن نلتمس لهم العذر لأن الانسان هو الأنسان في كل زمان ومكان، والطبيعة البشرية لا يمكن أن يتم تهذيبها بسهولة ولهذا أرسل الله عزوجل الأنبياء والرسل لكي يُقوّموا الاعوجاج الذي يحصل في النفوس البشرية كل فترة من الزمن،
لكن بعث الانبياء من الله سبحانهُ وتعالى قد إنتهى، ولم يعد بيننا من هو (قديس) أو (ولي صالح)!
إذن التغيير يجب أن يكون من بيننا، وقد حاو وقت التغيير،
فيكفينا أن نتحمل السرقات والهدم بالنسيج والمجتمع العراقي،
يكفي أن نتحمل التدمير الكويتي للعراق والذي أصبح على أشدّه ومازال وسيستمر اذا لم يقف بوجهه أحد،
يكفي أن نتحمل التدمير الايراني للعراق، يكفي أن نتحمل الوجوه الكالحة التي تسلطت على رقابنا والتي لم تأتي من المريخ، فأغلبيتهم عراقييون
فمنذُ الإنتخابات ولحد الان لم يحصل أي تحسن في العراق ولن يحصل بوجود هؤلاء الاراذل واللذين هم للمال جامعون، للاخلاق فاقدون، للوطن هادمون، لإيران عاملون، للقبائح فاعلون
فلا يوجد فيهم ولا واحد منهم إنسان خيّر، فهل سنظل ننعل الوقت والتاريخ؟
هل ستظل قلوبنا مملؤة بالحقد على أولاد عمنا فقط لأنهم لا يُفكرون مثلما نحنُ نريد ان نفكر؟
يا عراقييون إستفيقوا فأنتم لستم ملائكة الله في الارض !! كل إبن آدم خطاء وخيرُ الخطائين التوابون
تسامحوا مع انفسكم قبل أن تتسامحوا مع الآخرين،
وقبل أن تنتقدوا الآخرين وتجعلوا منهم أعداءاً لكم، ضعوا أنفسكم في مكان هؤلاء الآخرين لكي تفهموا كيف فكّــروا وكيف إتخذوا أي موقف منكم،
أتمنى و أرجو أن لا أكون مثل (الشاعر الفارس عمرو بن معدي كرب بن ربيعة الزبيدي) حين قال:
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً *** ولكن لا حياة لِمَنْ تــُــنادي
ولو ناراً نفختَ بها أضاءتْ *** ولكن أنتَ تنفخُ في رَمــادِ
والسلام على العراق وعلى من يعشق العراق
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: