أحمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10462 Ahmeeedasd@googlemail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بدأت القوات المدججة بالسلاح تزحف ببطيء شديد، وخطة مدروسة، كانت الأوامر الموجهة إليها أن يباد كل من في المدينة من بشر وحيوانات وشجر، وأن يقلب عاليها أسفلها، قام الطيران بقصف كل شبح متحرك وقصف المباني والمساجد وضرب الكنائس، اتبعه الجنود بقتل كل من صادفهم في الطريق وقتل مئات العشرات من البشر، وبعد أن قاموا بجريمتهم بدم بارد وإتمامها على الوجه الكامل، وصبغوا وجه المدينة بالدماء، بدءوا يدخلون البيوت ويسوقون الناس كبيرهم وصغيرهم، شيوخهم وأطفالهم، ممن أسعفهم الحظ بالنجاة، كالأغنام إلى أماكن أعدت خصيصاً لأجل أن يتم احتجازهم داخلها، مدراس، مراكز، ما تيسر لهم.
الحرس المدجج بالسلاح والعتاد يحيط بهؤلاء البؤساء الذين دمرت مدينتهم وانتهكت آدميتهم وقتل مئات العشرات من أقاربهم وإخوانهم، ويقودونهم كحيوانات نحو مصير مجهول، وكان نصيب صاحبنا أن اقتيد كعشرات الآلاف غيره وتم حجزه داخل احد المدارس، حيث تم تجميعهم في باحة هذه المدرسة، ورصوا فوق بعضهم، ودفنت رؤوسهم في الأرض، ووقف على رؤوس هؤلاء البؤساء ضابط يلبس لباس المغاوير وإلى جانبه أحد أعوانه، وبدأ يقلب نظره فيهم واحداً واحداً، والخوف والترقب يلفان المكان، إلى أن استقر نظره على أحدهم، قام بوضع يده على كتفه وطلب منه الخروج، خرج أمام المساجين جميعاً ثم عري من ثيابه ووضعت تحته زجاجة الويسكي التي انتهى من شربها هذا الضابط، وطلب منه أن يجلس عليها، رفض دارت عينيه في المكان كقط حبيس يبحث عن مُنقذ أو مُخلص أو منفذ ينهي عنه ذلك الكابوس اللعين، ولكنه لم يجد أحداً يعينه فلم يكن هناك إلا الخوف والصمت اللذان كانا يلفا المكان، امتدت إليه يدا جنديين أمسك كل واحد منهما بكتف وأقعدوه فوق الزجاجة وقام الضابط فوق رأسه وبدأ يضغط على رأسه نحو الأسفل، وبدأت دماءه تصبغ أرض الباحة ومات من فوره، وهنا أحس هؤلاء البؤساء بالغضب وثاروا وهجموا ولكن البنادق التي ارتفعت في وجوههم كانت كفيلة بلجم كل هذا الغضب.
تم اقتياد المحتجزين بعدها وتم إيداعهم داخل غرف المدرسة، التي كانت عبارة عن 10 غرف أمامها ممر في نهايته يقع حمام تنبعث منه روائح كريهة، ووضع في داخل كل غرفة أكثر من مئة شخص، كانت مساحة الغرفة بالكاد تتسع لهم، وبالكاد يتمكن أحدهم من أن يجلس القرفصاء، وإذا أراد أحدهم أن ينام يضطر البعض منهم أن يقفوا على أرجلهم لكي يتمكن صاحبهم من أخذ غفوة يريح بها جسده المنهك، ومن الأفضل لكي لا يزعج غيره أن ينام مقرفصاً، بعد أربعة أيام سقط أحد المساجين أمام صاحبنا ميتاً من القهر والغيظ، ونودي بالحراس فقاموا بجره من قدميه، وألقوا به في أحد زوايا المدرسة قريباً من الحمام، وبقي هذا المسكين مرمياً في مكانه يراه الجميع كلما ذهب أحدهم إلى الحمام، إلى أن ازرّق جسده وفي اليوم الرابع ألقي عليه قطعة قماش واختفت بعدها جثته.
بعدها وصل القائد العام بعد أن قام جنوده بتلك البطولة، فلزوماً أن يكرم جنوده الذين قاموا بتلك البطولة العظيمة ولزوماً أن يحتفل وإياهم بهذا الانتصار والملحمة الرائعة، ولما وجد أنهم قد قاموا بانجاز ما أنيط بهم من مهمة قرر أن يكافئهم بوليمة، فلا بد من شرب نخب هذا الانتصار !؟ فأعلن جنوده أنه وبمناسبة وصول هذا القائد فإنه سيتم الإفراج عن خمسمائة منهم، وأخذ المساكين يستبشرون خيراً بالخروج وقرب الخلاص من هذا الكابوس، وأخذوا يتراكضون داخل الغرفة بحجم الفراغ الذي يستطيعون فيه الحركة، كان المحتجزون داخل عشرة غرف ومن كل غرفة سيفرج عن خمسين منهم احتفالاً بمقدم القائد العام، صاحبنا هذا كان أمامه ابن عم له وصل الرقم إلى 49 ونودي على ابن عمه الذي كان هو صاحب الرقم الأخير، ووصل الدور عنده كانت أمنيته أن لو تأخر العداد قليلاً ليكون إلى جانب ابن عمه ينام في أحضان زوجته تلك الليلة ويقر أعين أطفاله برؤيته، ولكنه دُفع بضربة قوية ألقت به على الأرض وأغلق الباب من جديد، ومن وقتها لم يعد ابن عمه إلى بيته أبداً هو ومن تم اختيارهم فقد ذهبوا نخباً لهذا الانتصار العظيم.
كان إذا أراد أحد المساجين الخروج إلى دورة المياه، فإنه يطرق على الباب حتى يقال له اخرج، ويخرج لقضاء حاجته في آخر الممر ثم يعود، ولكن في هذه المرة طرق أحد هؤلاء البؤساء الباب، ولم يخرج بعد أن طلب منه الخروج، جاء الجندي يتفقد الخبر، فتح الباب ومد رأسه قام هذا السجين بدفعه إلى داخل الغرفة دفعة قوية، تعاركا قليلا إلى أن تمكن السجين من تخليص البندقية منه، وخرج إلى الممر وقام بإطلاق النار على الحراس الآخرين الذين يتوزعون داخل المدرسة وعلى أسطحها وقتل ستة منهم، إلى أن تمكن أحد الحراس الذين كانوا على السطح من إطلاق النار عليه فارداه قتيلاً، حدث بعد هذا مرج وصخب، قام على أثرها الجنود بسحب قتلاهم ثم جهزوا أنفسهم وجاءوا إلى الغرفة التي خرج منها، وقالوا لهم هذا خرج من غرفتكم، وبدأ الضرب بأعقاب البنادق على هؤلاء المساكين، وسعيد الحظ منهم من كان يستطيع أن يحفظ رأسه من خلال دفنه داخل أجساد زملائه، أما باقي الجسد فحدث ولا حرج، وتكوموا جميعاً فوق بعضهم، ودعس عليهم، واستمر الضرب المبرح إلا أن كلت أيدي الحراس، فتركوهم ما بين جريح ومرضوض.
بعد هذا طلب من جميع المحتجزين أن يتجهزوا للخروج في مظاهرة يحملون فيها لافتات من أجل التنديد بما فعله البعض منهم من الذين حملوا السلاح ودافعوا عن أنفسهم، التلفزيون والقنوات جميعها ستصور لتعلن أن الجماهير ليست راضية عن هذه الأفعال التخريبية، استغل صاحبنا هذه الفرصة وانتظر أقرب الأماكن التي كان يعرفها شبراً شبراً، فهو ابن هذه المدينة التي حل بها الدمار والخراب، وقفز داخل أحد البيوت، وذاب بعيداً عن عيون الكاميرات.
إحالة:
(*) لكي لا ننسى، هذه القصة لم تحدث في المريخ وإنما حصلت في أحد المدن العربية والتي ارتكبت بحق أهلها أبشع مجزرة وذهب ضحيتها ثلاثون ألفاً من الآمنين، لكي لا ننسى المجازر التي لا زالت ترتكب في الشيشان وأفغانستان والعراق الفلوجة أبو غريب وباقي المدن، وفي فلسطين غزة وجنين ودير ياسين وفي لبنان قانا وتل الزعتر، وفي الأحواز المغتصبة وفي معسكر اشرف، لكي لا ننسى آخر هذه الفضائح التي تجري داخل السجون الإيرانية من اغتصاب للقاصرين والقاصرات، لكي ننسى جرائم رعاة البقر بحق إخوتنا المسلمين، لكي لا ننسى جرائم الصفويين الفرس داخل إيران وفي العراق، هؤلاء الشاذون والمنحرفون أصحاب المذاهب الفاسدة والمنحرفة، والذين يدعون كذباً أنهم دولة إسلامية، لكي لا ننسى أن الإنسان المسلم لم يعد سوى رقم، ورقم فقط !!
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
15-08-2009 / 17:12:43 17 year old car insurance