الشريعة الإسلامية اليوم تتعرض لحرب ضروس تستهدف إبعادها تماما ونهائيا عن آخر ما تبقى لها من مجال يستمد فيه أحكامه منها ألا وهو مجال الأحوال الشخصية , الذي يراد له اليوم أن يغير ما به من أحكام مستمدة من شريعة رب العباد وهى الشريعة الوحيدة الصالحة لحماية المجتمع من الانحلال الأخلاقي والاجتماعي .
إن ما تسرب عن مشروع القانون - قانون الأحوال الشخصية - لهو إن صح كارثة سوف تحل بالمجتمع المصري بكافة أوساطه الاجتماعية وفى كل مكان في الوطن , فما يدور الحديث حوله من تضييق وتحديد لشرع الله في منع تعدد الزوجات وجعل ذلك وفق شروط صعبة لا صلة لها بالشرع من قريب ولا من بعيد ، وكذلك ما يدور حول إلغاء القوامة وغيرهما .
وقد قصدت الحديث عن هاتين النقطتين دون غيرهما فالنقطة الأولى والخاصة بمنع وتقييد تعدد الزوجات فهو علاوة على مخالفته لشرع الله عز وجل الذي أباح التعدد شريطة العدل بين الزوجات فقال تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ } [ النساء / 3 ] , إلا أن هذا الأمر سيكون له عواقب وخيمة على المجتمع ككل للأسباب الآتية :
1-إن الإحصائيات تؤكد أن عدد مواليد الذكور أقل بكثير من عدد مواليد الإناث وهذا يعنى أنه بدون تعدد فإن الآلاف من الفتيات سيبقين بدون زواج وهذا معناه أن بابا للزنا وانتشار الرذيلة سيفتح على مصراعيه ولن يستطيع أحد أن يغلقه خاصة في ظل عدم وجود أي عقوبة رادعة لجريمة الزنا في القوانين المصرية .
2-إن التعدد يكون في كثير من الأحيان أمر ضروري لا يمكن الاستغناء عنه وبالتالي فقد يتجه الرجال إلى الزواج السري كامل الأركان دون توثيق العقد أو إلى الزواج السري الغير شرعي المسمى بالزواج العرفي , فنحن إذا كنا قد فشلنا في محاصرة الزواج العرفي وتحجيمه بل إنه ينتشر بصورة مروعة بين شباب الجامعات وما ينتج عن ذلك من فضائح ومصائب وقضايا ترفع أمام المحاكم , فبالأحرى سنكون عاجزين أما مواجهة ما سينتج عن هذا القانون من كوارث اجتماعية تهدد ترابط المجتمع المسلم وتماسكه .
أما عن قوامة الرجال على النساء والحديث القديم الجديد عن المساواة والعدالة وأن القوامة تخالف العدل وما إلى ذلك من الدعاوى القبيحة فعلاوة على أنها تخالف الشرع الحكيم حيث قال الله تعالى } الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } [ النساء /34 ] , فإن المطالبة بإلغاء القوامة تخالف المنطق والعقل الذي ينادون باتباعه ولا عجب في ذلك , فالرجل والمرأة هما أساس البيت وبما أنه لابد للبيت من قائد فهناك أمامنا ثلاث خيارات :
الأول / إما أن تكون القوامة للرجل وهو ما نص عليه الشرع الحكيم في الآية السابقة .
الثاني / إما أن تكون القوامة لكل من الرجل والمرأة على حد سواء وهذا يخالف المنطق لأنه سيحدث الشقاق والنزاع وفى هذه الحالة ستفكك الأسرة وليس أدل على ذلك من قول الله عز وجل { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } [ الأنبياء / 22 ] , فالولاية و القوامة أو الرئاسة لابد أن تكون لواحد فقط وهذا لا يمنع حق الآخرين في المشاورة وإبداء الرأي والعمل به إذا كان صوابا ، لذا فهذا الرأي مرفوض .
الثالث / أن تكون الولاية للمرأة وهذا ما يطالب به بعض العلمانيين وذوى العقول الفاسدة المفسدة الذين يتحدثون عن حرية المرأة , وقد سارت المرأة الغربية في هذا الطريق طويلا , ولكن المرأة بطبيعتها تحتقر الرجل الذي لا شخصية له , والمرأة بطبيعتها تريد أن تشعر بالأمان مع الرجل وتريد رجلا على قدر المسؤولية , أما هؤلاء فلأنهم يسيرون دائما عكس التيار , ولأنهم يريدون تخريب المجتمع والقضاء عليه فلا يجدون حرجا فيما ينادون به , ولكن يبقى العقل والمنطق والواقع والتجارب والشرع قبل كل ذلك يخالف ويرفض هذا الرأي .
وفي النهاية أقول أن ما يراد له أن يحدث اليوم سيكون له عواقب وخيمة لن نستطيع مواجهتها ولا الحد منها ، فالعقل العقل يا دعاة العقل .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: