علي عبدالعال - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8805
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ربما لا يحلم أحد المرشحين الإسلاميين لرئاسة الجزائر بأن يجلس يوما على كرسي السلطة، غير أنهما يصران على خوض السباق حتى نهايته، وهي مفارقة ربما لا تستحق التعجب، حيث يجمع المراقبون على أن مطمح أحدهما لا يتجاوز تحقيق بعض المكاسب الحزبية التي لا يعول عليها أحد من جموع الإسلاميين الجزائريين - صغيرا أو كبيرا - بشأن تغيير الأوضاع في البلاد.
فقد أقر المجلس الدستوري الجزائري أوراق ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في التاسع من أبريل المقبل، يتصدرهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والخمسة الآخرون بينهم إسلاميان اثنان، هما: رئيس حزب "الحرية والعدالة" محمد السعيد الذي ترشح كمستقل لأن حزبه ليس مرخصا له، ومرشح حركة "الإصلاح الوطني" الدكتور جهيد يونسي، وفي حين يلقى الأول أوضاعا مهيأة لتحقيق نتيجة مقبولة نظرا لتاريخه السياسي والإعلامي والدبلوماسي وسمعته الطيبة تكاد تكون حظوظ الثاني منعدمة في الخروج بنتيجة مشرفة.
ويعتبر المراقبون نتائج هذه الانتخابات محسومة مسبقا لصالح بوتفليقة، كما تشير قائمة المتنافسين إلى أن الحملة الانتخابية المزمعة لن تكون بتلك الحرارة التي شهدتها الحملات السابقة، والتي لعب فيها ترشح أمين عام "جبهة التحرير الوطني" علي بن فليس، ورئيس حركة الإصلاح السابق عبد الله جاب الله، وزعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي دورا فعالا في إضفاء حراك انتخابي وشحن المشهد السياسي بين الأشخاص والبرامج.
فبالرغم من الحديث عن دعوة مراقبين دوليين من الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي انتقد الأمين العام لحزب "جبهة القوى الاشتراكية" كريم طابو وعود الحكومة بالنزاهة، ووصف الانتخابات المرتقبة بأنها مسرحية، قائلا: إن الجميع يعلم أن بوتفليقة باق في منصبه دون انتخابات، معتبرا هذه المشاركة مضرة بمصداقية الأحزاب.
وكان البرلمان الجزائري قد قرر في شهر نوفمبر الماضي تعديل الدستور للسماح للرئيس بوتفليقة (72 عاما) الذي يشغل المنصب منذ عام 1999 بالترشح لفترة رئاسية ثالثة، حيث قدم أوراق ترشحه باعتباره مستقلا.
وفي حين قرر غالبية زعماء وقادة الأحزاب والقوى الإسلامية في الجزائر علاوة على أحزاب المعارضة الرئيسية مقاطعة الانتخابات الرئاسية لشكهم في نزاهتها ولغياب منافس قوي لبوتفليقة فإن السعيد ويونسي يصران على مواصلة السباق لآخره.. فقد انتقد الشيخ عبد الله جاب الله النظام السياسي و"سياسته في الإدارة والتسيير" قائلا: إن المشاركة مطلوبة ونافعة لكن فقط "لو كانت السلطة الحقيقية بيد الشعب، لكننا ابتلينا بنخب نافذة برهنت أنها هي والديمقراطية خطان لا يلتقيان"، وهو ما رد عليه رئيس الحكومة أحمد أويحيى باتهام الأحزاب التي دعت إلى المقاطعة بالعمل على زعزعة استقرار البلاد، معتبرا هذه الدعوة تمثل احتقارا للشعب، واصفا الداعين إليها - وهم إسلاميون وعلمانيون – بأنهم يحملون ثقافة "سيئة ومؤسفة".
ويوصف المرشح المستقل محمد السعيد أوبلعيد (62 عاما) بأنه أمازيغي معتدل رغم أنه ليس إسلاميا خالصا، بل ينظر إليه كمتعاطف مع الإسلاميين، حيث ارتبط مساره المهني بقربه من وزير الخارجية الأسبق طالب الإبراهيمي، الذي عينه خلال فترة تواجده على رأس الدبلوماسية الجزائرية في مناصب مختلفة، منها ممثل الجزائر في منظمة المؤتمر الإسلامي، بالإضافة إلى منصب وزير مستشار بسفارة الجزائر في السعودية.
وردا على سؤال حول دوافع ترشحه قال السعيد الذي عمل صحفيا: إن هذا الترشح سيساهم في "التعريف ببرنامج ومثل الحزب السياسي الذي ينوي تأسيسه مباشرة بعد الانتخابات"، مضيفا لبرنامج "ضيف الخميس" الذي تبثه القناة الثانية للإذاعة الوطنية "توجهي هو الجزائر"، وأشار إلى أنه يركز على "الثوابت التي يتضمنها الدستور الجزائري"، وهي الإسلام دين الدولة والعربية لغة رسمية والأمازيغية لغة وطنية، وفيما يتعلق ببرنامجه فإنه يدور حول العدالة الاجتماعية والتوزيع المنصف لثروات البلاد وتأسيس اقتصاد لا يتوقف أساسا على المحروقات.
وحول كيفية الاتجاه إلى اقتصاد بديل عن النفط، يرى محمد السعيد أن البديل هو الاتجاه إلى الفلاحة وخلق الاستثمار المنتج، حيث يؤيد الدعوة إلى فتح القطاع السمعي البصري وهو ما من شأنه المساهمة في بروز الكفاءات، أما عن موقفه من قضايا المصالحة الوطنية والإعدام فيذهب إلى أنه يدعم ميثاق السلم والمصالحة لكونه مكسبا لابد من تعزيزه.
أما الأمين العام لحركة "الإصلاح الوطني" جهيد يونسي فهو يخوض السباق الرئاسي تحت شعار "التغيير نحو الأحسن" باعتبار أن الوضع الحالي ليس قدرا محتوما على الشعب الجزائري، وقد جاء قرار مجلس شورى الإصلاح بعد مخاض عسير سبقه استقالة رئيس الحركة محمد بولحية، وقد عرض يونسي برنامجا من 12 نقطة يقوم على توسيع المصالحة الوطنية، منتقدا مصالحة بوتفليقة كونها تضم بعض النقائص التي تضمنها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لا سيما في مادته الـ26، التي تنص على حرمان المتسببين في المأساة الوطنية من ممارسة أي عمل سياسي، ويؤكد يونسي أنه مستعد في حال فوزه بكرسي الرئاسة إلى إعلان العفو الشامل إذا ما رأى أن ذلك من شأنه أن يوقف دماء الجزائريين، وفي تصريحات صحفية أوضح أن ترشحه جاء من باب إيمان حركته بعدم التخلي عن الميدان أو انتهاج سياسة الكرسي الشاغر.
وقال يونسي إن: "الحركة تسعى من خلال مشاركتها في الاستحقاق القادم إلى تقديم صورة جديدة عن الإسلاميين والتيار الإسلامي تمحو الصورة القاتمة التي ألصقت بهم ظلما وعدوانا، علاوة على تقديم بديل للسياسات الفاشلة والخاطئة للحكومات المتعاقبة على الجزائر".
------------------------
علي عبدالعال
صحفي مصري
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: