احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8255
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي زحفت الجيوش الصليبية إلى البلاد الإسلامية وبدأت بمحاصرة المدن الإسلامية واحدة تلوى الأخرى إلى أن وصلت إلى المسجد الأقصى واستولت عليه، ومن هذه المدن " مدينة أنطاكية " التي حوصرت لمدة تسعة أشهر كاد الصليبيون أن يفقدوا معه الأمل ويرتدوا على أعقابهم لولا خيانة أحد حراس القلعة ففتح لهم الأبواب ومكن الصليبيين من أهل المدينة وقتلوا الكثير من أهلها، ورافق هذا الحصار خيانة الدولة الفاطمية الرافضية التي لم تفكر بأي مد يد العون للمسلمين المحاصرين في أنطاكية .. بل أنها قامت بإرسال وفد إلى الصليبيين أرسله الوزير بن بدر الجمالي وعقدت تحالفاً معهم على أن تكون أنطاكية للصليبيين وبيت المقدس للفاطميين .
ودخل الصليبيون أنطاكية بعد هذه الخيانة والتآمر عليها من قبل الرافضة الفاطميين، وهرب قائد المدينة "ياغي سان" الذي لو أنه صبر ساعة لهلك الصليبيون الذين كانت معنوياتهم قد شارفت على الانهيار وذلك (في رجب 491 هـ / 1098م) ثم واصل بعدها الصليبيون إلى بيت المقدس وتم أخذها من يد الفاطميين ودخلوها في ( 15 رجب 492 هـ / 1099م) .
وها هو التاريخ يعيد نفسه والأحداث تعيد نفسها من جديد .. فاليهود والنصارى يحاصرون إخوتنا في غزة يحاولون كسر عزيمتهم وتركعيهم، يساعدهم في هذا الخونة من أبناء جلدتنا على رأسهم خائن الحرمين الشريفين الذي دعا السفاحين لحوار أديان ليشرعن أعمالهم وجرائمهم، وبقرة مصر الضاحكة الذي سلم أهلنا بغزة هاشم بكل برودة دم وتواطؤا وإصرار على التخلص من المقاومة في غزة وسط تصريحه بأنه لن يسمح أبداً بإقامة دويلةٍ إسلامية في غزة بل أنه طلب من اليهود استلام معبر رفح على أن لا يستلمه مقاومي غزة، وليس هذا فحسب فإن دعوته إلى مبادرة لوقف إطلاق النار كانت الحجة التي احتجت بها الأمم المتحدة – التي لا تعرف شرعية ولا إنسانية وانحياز للقيصر أكثر من قيصر ذاته – وقد كان، فعندما ذهب العرب المنبطحون إلى هناك ورغم صراخ البعض منهم، إلا أنهم لا زالوا مصرين وبإصرار مقيت أن يبقوا وجوههم تحت قنادر أسيادهم، تم رفض إصدار قرار من هذا المجلس بحجة أنهم علقوا إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار حتى ينتظروا ما تسفر عنه المبادرة المصرية.
والبارحة مساءً تم إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار وفوري ولكن لم يتم تحديد وقت لتطبيق هذا القرار، وتمت الموافقة عليه وسط رفض أمريكي .. والغريب أننا هذه المرة الأولى وجدنا الأمريكان لم يستخدموا الفيتو مما يدلل على المأزق الذي وقعت به طفلتهم المدللة في غزة هاشم، في الوقت الذي أعلن اليهود انه لن يوقفوا إطلاق النار وسيستمرون بهجماتهم على المدنيين.
بينما حكامنا المتخاذلون والمفرطون بحق أمتهم لا هم لهم سوى أن يتم إصدار قرار بمنع تهريب الأسلحة إلى غزة ليتم القضاء على المقاومة البطلة في غزة، حيث كان الأولى بهؤلاء النعامات – الذي لم يبقى لديهم أي ذرة من ضمير أو كرامة – أن يطالبوا بإلزام الجانب اليهودي بعدم قصف المدنيين والمطالبة كذلك بتقديم كل من شارك في هذه الجرائم كمجرمي حرب وعلى رأسهم بوش الحقير وباراك وبقرة مصر الضاحكة وخائن الحرمين الشريفين، أما المطالبة بوقف إطلاق النار فهو ما يطالب به العالم اجمع، ولكنهم جميعاً متآمرون على إنهاء حركة المقاومة في غزة، لا هم لهم سوى منع دخول السلاح إلى مجاهدينا في غزة ليتمكن منهم اليهود بكل سهولة وليحاولوا أن يخلصوا العالم من كل مقاوم شريف. وإلا لو أنهم كانوا صادقين فعلاً لقاموا بطرد السفراء اليهود من بلادهم كما فعل هذا الرئيس الفنزويلي تشافيز ..
ولكن ولله الحمد فإن أبطال غزة العزة أبطلوا كل هذه المؤامرات وأفسدوا على المتآمرين خططهم وأعلنوا رفضهم المبادرة المصرية، فقد أعلنت الفصائل الفلسطينية المقاتلة بياناً اعتبرت فيه أن المبادرة المصرية لوقف الحرب على غزة هدفها "التضييق على المقاومة والشعب الفلسطيني وإطلاق يد الاحتلال وتحقيق بعض أهدافه التي عجز عن تحقيقها بالعدوان العسكري" كما رفضت هذه الفصائل الفلسطينية "وجود قوات أو مراقبين دوليين في غزة" . ثم تلاها بعد هذا إعلان رفضهم لهذا القرار التآمري على الجهاد من كل القوى الغربية وأبناء جلدتنا الخونة .
أما دول الممانعة والمقاومة فلم يحركوا ساكنا، ولا يسمع منهم سوى الصراخ، فقد كان الطبل الأجوف يصرح البارحة في آخر خطاباته "انه لم يخاصم ويعادي من تواطأ من العرب على حزبه في انتصارات 2006م لكنه وعد بمخاصمة من يتواطأ على غزة وأهلها" في الوقت الذي كان اليهود يهولون فيه من خوفهم من هذا البطل الأسطوري وعلى لسان "عموس بادلين" رئيس الاستخبارات العسكرية اليهودية بقوله : "أن حزب الله الموالي لإيران قد يتذرع بالهجوم العسكري الذي تشنه إسرائيل منذ 27 ديسمبر على قطاع غزة ضد حركة حماس لفتح جبهة ثانية" .. ولكن عندما أطلق الفلسطينيون صواريخهم من لبنان – محاولة ً منهم أن يخففوا عن إخوتهم في غزة – اختفى هذا المشهدان .. فسكنت تلك الأصوات الصارخة المتوعدة والمهددة ودفنت الرؤوس في الرمال، وتحول المتخوفون من خطر هذا الطبل إلى مدافعين مؤكدين براءة ساحة هذا الطبل الأجوف من إطلاق الصواريخ .. موقفين متناقضين تماماً، تحول التهديد والوعيد إلا محاولة إلا أن يبعد التهمة عن نفسه، وتحول التخوف اليهودي إلى دفاع ونفي التهمة عنه ، فأيُّ مؤامرات تدور هنا !؟
ومؤكد أن هذا الطبل الأجوف قام بملاحقة هؤلاء الأبطال ليقطع عن اليهود اتهامهم له بأنه قد قصر في حماية الحدود، فأين صراخ الأمس يا نعامة اليوم !؟ ولماذا دافع اليهود وبرءوا ساحتك مع إن اليهودي باراك كان يصرح من أيام : "أنظارنا متجهة إلى شمال إسرائيل ونحن جاهزون لمواجهة أي تطور " !؟ أين الكلمات النارية الكاذبة التي ما زلتم تخدعون بها الشعوب !؟ أهكذا ذهبت العنتريات في الدفاع عن غزة وأهلها سدى. الحمد لله أن أحداث غزة قد كشفت كذبكم ودوركم الخياني الذي هو أشر من خيانات حكوماتنا، فأنتم عملاءٌ لليهود والنصارى في الخفاء وبعض أنظمتنا عملاء في العلن .
ونقول لكم يا أبطال غزة يا من رفعتم رؤوس المسلمين من بعد ذلة وهوان .. نقول لكم يا شعب العزة – يا من تخلى عنكم الأخ والصديق – إن الشعوب كلها معكم، يشعرون بشعوركم ويعيشون معاناتكم ومأساتكم دقيقة دقيقة بل ثانية ثانية، فلم تخرج المظاهرات والاحتجاجات من قبل الشعوب الإسلامية وغيرها إلا الآن بل أنها لم تنقطع من أول يوم بدأ فيه الاعتداء عليكم .. إن الشعوب تريد أن تتخلص من هذا الذل والهوان تتوق إلى انتصاركم وتحتاج إلى من يخلصها من ذلها فاثبتوا واصبروا وصابروا ورابطوا واعلموا انك تدافعون عن الإسلام وأهله جميعاً، وما دام أنكم قد ألبستم لآمة الحرب فلا تضعوها حتى تعزوا بثباتكم هذا الدين . فإنكم انتم أمل الشعوب .
فدمتم أيها الطائفة المنصورة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، اصبروا وصابروا ورابطوا ولا يضركم من خذلكم فإنكم منصورون بإذن الله، فاصبروا فأنتم أمل الأمة وبثباتكم بإذن الله فإن الله سينصر بكم هذا الدين وستنتقمون لدماء المسلمين الذي يقتلون في كل مكان، ويكفي أن العالم أجمع متضامناً مع قضيتكم فحذاري يا أبطال غزة العزة أن تضيع دماء إخوتنا سدى .. وحذاري من هذا الخائن وغيره، فإنهم جميعاً متآمرون على القضاء عليكم .. بما في ذلك دول الصراخ والعويل الذين ما زالوا مكتوفي الأيدي و لسان حالهم وسكوتهم وكأنهم ينتظرون أن يتم القضاء عليكم ، فاحذروا هؤلاء الفاطميين.