البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الفكر النسوي التفكيكي في ميزان الشريعة الإسلامية

كاتب المقال فاطمة عبد الرءوف   
 المشاهدات: 8546



تحدثت الشريعة الإسلامية عن النساء باعتبارهن النسيج الطبيعي الذي تكتمل به الصورة البشرية التي أرادها الله سبحانه وتعالى ((وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )) [سورة البقرة:35].

وفي سياق تكاملي وُضِعَتْ الأحكام الشرعية المرتبطة بالنساء بحيث تشبه البناء العضوي الذي لا يتميز فيه عضو عن آخر؛ لأن الكلَّ يعمل في توافق؛ لذا فالأسرة في الإسلام هي النواة الحقيقية في المجتمع وليس الفرد أيًّا كان نوعه ذكرًا كان أو أُنثى .

وعلى الرغم من ذلك أبرزت الشريعة الأهمية الخاصة لكلِّ فردٍ في الأسرة ليس باعتباره فردًا وحيدًا، ولكن باعتباره فردًا متكاملاً لا يستطيع الحياة وحده، ومِنْ ثَمَّ اعتنت الشريعة بإبراز وضعية النساء تحديدًا، حتى سُمِّيَتْ سورةٌ من أطول سور القرآن الكريم "النساء"، ولذلك عوامل متعددة أبرزها العامل التاريخي إذ وقع امتهان المرأة في الأغلبية الساحقة من التاريخ الإنساني قبل الإسلام ، وكذلك العامل العضوي حيث أن الظروف العضوية "البيولوجية" للمرأة قد تكون عامل حاسم في ظلمها فارتباطها بظروف الحمل والإرضاع وتربية الصغار يدفعها إلى مساحة خاصة في الحياة بالإضافة إلى أن عملها هذا على عظمه لا يقابله أجرٌ مادي وبالتالي – حين تنتكس الفطرة الإنسانية السليمة – قد يقابل هذا بالتجبر عليها؛ لأنها لا تملك حيلة وتعيش حياة بائسة رهينة المأكل والملبس، فكان لابد أن تعلنها الشريعة الإسلامية – التي عمادها العدالة – ثورة على هذه الأوضاع والتقاليد ولا تتركها فقط للحس الإنساني الذي قد يتبلد من جراء طول الممارسة التاريخية ..ومن هنا نستشعر مدى عمق وصدق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهو يصف هذه الحالة ( كُنَّا في الجاهلية لا نَعُدُّ النِّساءَ شيئًا حتى أنزل اللهُ فيهنَّ ما أنزل ).

وما جاءت به الشريعة أكبر من أن يُعَدَّ خطوةً تاريخيةً جبارة في سياق وضع النساء في المكانة اللائقة بهنَّ، كما يقول بعض الذين لا يعلمون والذين يريدون – في وهمهم – أن يسيروا على الدَّربِ نفسِهِ ويكملوا ما جاءت به الشريعة..

كأنَّها جاءت ناقصة وهم في قرارة أنفسهم يرون ذلك وإن لم يعلنوه؛ لأنهم يرون الكمال فيما حصلت المرأة عليه حاليًا من حقوق في البلاد الغربية، وفيما تريد الحصول عليه وِفْقًا للفلسفة الجديدة التي تمَّ إطلاقها -أي الفلسفة النسوية- التي يتم الترويج لها في وسائل الإعلام بصورة كبيرة ، والأنثوية كما عرفها الدكتور عبد الوهاب المسيري: حركة فكرية سياسية اجتماعية متعددة الأفكار والتيارات ظهرت في أواخر الستينيات من القرن الماضي، وتسعى للتغيير الاجتماعي والثقافي وتغيير بُنى العلاقات بين الجنسين؛ وصولاً إلى المساواة المطلقة كهدف إستراتيجي وتختلف نظرياتها وأهدافها وتحليلاتها تبعًا للمنطلقات المعرفية التي تتبناها وتتسم أفكارها بالتطرف والشذوذ، وتتبنى صراع الجنسين وعداءَهما وتهدف إلى تقديم قراءات جديدة عن الدين واللغة والتاريخ والثقافة وعلاقات الجنسين ).

هذه النسوية أو الأنثوية التي عبرت عن نفسها عبر مواثيق دولية مُلزمة ( اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ) هذه النسوية هي فلسفة تفكيكية في المقام الأول بمعنى تفكيك كيان الأسرة العضوي إلى أفراد متناثرة يطالب كلٌّ منها بحقوقه فقط، وهناك جهود كبيرة وأموال كثيرة تنفق من أجل إجبار المرأة المسلمة على اعتناق هذه الفكرة ولو بمسمى آخر ومن أجل إجبار المرأة المسلمة على العمل مقابل أجر مهما كانت التضحيات؛ لأن ذلك بزعمهم الضمان الوحيد لحريتها وتحقيق ذاتها كالمرأة الغربية، تقول فريدة النقاش ( إنَّ الفروق لا تزال شاسعةً والنساء العربيات مطالبات بحرق مراحل كثيرةٍ؛ لأن الواقع القانوني سيِّئ والواقعي أسوأ منه ).

يحدث هذا في الوقت الذي تتراجع فيه المرأة الغربية عن اعتناق مثل هذه الأفكار تقول الكاتبة (دانييل كريتندن): "لن تدرك المرأة حقيقة الحرية حتى تقوم بوضع طفلها الذي من أحشائها بين ذراعيها، ولن يحدث شعور الثقة بالنفس الذي تتوق إليه حتى تصمد أمام ثقل المسئولية التي تضعه عليها الأسرة، وتتفوق عليها وهو ثقل يجعل الأعمال التي تقوم بها في المكتب تبدو خفيفة للغاية، وليس لها أهمية تذكر".

وإذا كان هذا الصوت الصادر من الغرب يعبر عن الفطرة الإنسانية عندما تنتبه وتفيق على واقع الكارثة التي تسببت فيها الفلسفة المتطرفة؛ فإنه من المؤكد أنَّ الشريعة الإسلامية لا تقبل بتشظية الأسرة وتفكيك كيانها بحثًا عن حقوق متوهمة أو هربًا من واقع ظالم لم تصنعه الشريعة بل نادت بنقيضه، فالواقع السيِّئ الذي تعيشه حاليًا المرأة المسلمة في كثير من البيئات ناتج عن عدم تطبيق الشريعة أو خلل في تطبيقها، فالذي يفهم من القوامة أنَّه وحده الذي يتخذ القرارات المرتبطة بالأسرة وأنَّه يستطيع إملاء قراراته بصوته المرتفع وأسلوبه النابي وربما بممارسة العنف إذا لم يتم الاستجابة لهذه الأوامر الفوقية هو جاهل بماهية القوامة التي تعني القيام على الأمر بعناية شديدة من إنفاق على الأسرة؛ لإشباع احتياجاتها ورعاية نفسية ومتابعة لكافة التفاصيل وبذل الجهد لمعرفة كل الآراء والمشكلات الداخلية من أجل أسرة قوية متماسكة .

والذي يفهم من قوله تعالى ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ)) [سورة النساء:34]، أن يقول لزوجته: أنا أعظك وإلا هجرتك وضربتك، هو جاهل بماهية العظة ودلالتها النفسية، ثُمَّ هو ظالمٌ إذا كان النشوز لسبب مرتبط به هو شخصيًا من سوء معاملة ونحو ذلك ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد في أول النهار ثم يجامعها آخره ) ثم يشكو من نشوزها، وقد لا يجلدها بسوطه وإنما بلسانه؛ فتسطيح المفاهيم الشرعية آفة الآفات، وعلى الرغم من ذلك لا يجوز بحالٍ من الأحوال أنْ يُملي الواقع أحكامه على المبادئ الشرعية فنستعير نفاية القوم الفلسفية لعلاج واقعنا المأزوم.

فالفكر النسوي مرفوض من الشريعة الإسلامية؛ لأنه يدعو أولاً إلى تفكيك الأسرة وثانيًا إلى الصراع بين الجنسين وثالثًا إلى المساواة الفردية بين الرجل والمرأة بل إلى تفوق جنس الأنثى وما يستتبع ذلك من خلل في الحياة الإنسانية فضلاً عن كونه دعوة خفية إلى الشذوذ والمثلية؛ لكي تستطيع المرأة الاستغناء تمامًا عن الرجل (وهناك الكثير من الأدبيات التي تتحدث عن ذلك ) ويكون الاستنساخ والتلقيح الصناعي هو الحلُّ الأمثل لمشكلة الأطفال، أو كما قال بعضهم: إذا كانت النسوية هي الفكر فإن المثلية هي التطبيق.


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-11-2008   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- محمد رحال، د. صلاح عودة الله ، طلال قسومي، سلام الشماع، محمد أحمد عزوز، سلوى المغربي، محمود طرشوبي، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد الحباسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، أنس الشابي، حاتم الصولي، خالد الجاف ، صفاء العراقي، جاسم الرصيف، طارق خفاجي، ماهر عدنان قنديل، سامح لطف الله، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - المنجي الكعبي، حسن الطرابلسي، كريم فارق، رمضان حينوني، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الغني مزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، إياد محمود حسين ، الهادي المثلوثي، د - عادل رضا، عمر غازي، عبد الله زيدان، عراق المطيري، يزيد بن الحسين، فتحي العابد، د - مصطفى فهمي، محمد العيادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محرر "بوابتي"، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، محمود سلطان، فوزي مسعود ، عزيز العرباوي، د. خالد الطراولي ، عبد الرزاق قيراط ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، العادل السمعلي، عبد الله الفقير، بيلسان قيصر، محمد شمام ، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، سليمان أحمد أبو ستة، مجدى داود، كريم السليتي، صلاح الحريري، مصطفى منيغ، د- جابر قميحة، علي عبد العال، المولدي اليوسفي، د - الضاوي خوالدية، يحيي البوليني، محمد علي العقربي، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد ملحم، الناصر الرقيق، عبد العزيز كحيل، صفاء العربي، فتحي الزغل، وائل بنجدو، ياسين أحمد، محمد الطرابلسي، د. أحمد بشير، رضا الدبّابي، رشيد السيد أحمد، د. عبد الآله المالكي، سيد السباعي، حميدة الطيلوش، محمد يحي، منجي باكير، محمد عمر غرس الله، علي الكاش، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد محمد سليمان، رافد العزاوي، تونسي، أشرف إبراهيم حجاج، فهمي شراب، عواطف منصور، نادية سعد، أ.د. مصطفى رجب، ضحى عبد الرحمن، صالح النعامي ، محمد الياسين، مصطفي زهران، أحمد بن عبد المحسن العساف ، الهيثم زعفان، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد النعيمي، إسراء أبو رمان، د - محمد بنيعيش، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، أبو سمية، صباح الموسوي ، د - صالح المازقي، صلاح المختار، مراد قميزة، رافع القارصي، د- محمود علي عريقات،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز