علي الكاش - العراق / النرويج
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1165
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من الظواهر المعاصرة توفرعدد كبير من مراكز الدراسات والبحوث العلمية في الولايات المتحدة و الدول الأوربية، وتُعرف بالـ(Think Tanks). ، وهي ترتبط مباشرة بصناع القرار السياسي والاقتصادي والأمني، وتقدم لهم الرؤى والأفكار الملائمة التي تساعد في إتخاذ القرار وفق معطيات وتحليلات علمية. وسرعان ما لقت هذه الظاهرة صدى في الدول العربية، وانتشرت بشكل كبير سيما في الشقيقة مصر، ومما يؤسف له ان غالبية مراكز الابحاث في الدول العربية لم تأخذ الدور الصحيح، وتؤدي الغرض المأمول منها.
اتخذت هذه المراكز شكالا منها:
ـ مراكز بحثية رسمية تعود الى الدولة من خلال التمويل والتوجيه، وغالبا ما توفر لها الدولة ما تحتاجه من صحف ومجلات وإصدارات مجانا.
ـ مراكز بحثية أكاديمية، وهذه المراكز ترتبط بشكل مباشر بالجامعات والمعاهد العلمية، وتخصص لها الجامعات ما تحتاجه من تمويل مادي ومعرفي، وتفرض على طلاب الدراسات العليا تزويد هذه المراكز بنسخ من الإطروحات والسائل الجامعية المنجزة.
ـ مراكز بحثية خاصة، لا علاقة لها بالدولة والجامعات، وغالبا ما تؤسسها مؤسسات بحثية مستقلة ومفكرون وعلماء وبعض الأكاديمين المتقاعدين، ولها خط خاص مستقل.
ـ مراكز دراسات ذات طابع ديني أو عنصري أو مذهبي تخص شريحة معينة من المجتمع.، وتعبر عن رؤية تخص هذه الشرائح فقط وتخدم أهدافها.
ـ مراكز بحثية شبحية يديرها فرد واحد، ولا توجد فيها كوادر أخرى، وهي محدودة الأفق تعبر عن رأي شخصي، وليس لها أهمية تذكر على الصعيد العلمي والفكري. وتتخذ هذه المراكز سبيلسن اما معارضة الحكومة، او موالاتها بشكل مطلق.
ومن أهم المراكز البحثية في العالم العربي مركز دراسات الخليج العربي، المعهد العربي لبحوث السياسات ، مركز الدراسات الفلسطينية. مركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر، مركز دراسات الوحدة، مركز البحوث والدراسات، مركز التأصيل للدراسات والبحوث في جدة عام 2006 ، مركز تكوين هو مركز بحثي غير ربحي، تأسس عام 2014، مركز الفِكر المعاصر، ومراكز أخرى وطنية واقليمية وعالمية. وتعتبر مراكز البحوث مختبرات علمية وبحثية تعكس توجه الشعوب لحفظ التراث والانطلاق العلمي، وتوليد مفاهيم ورؤى فكرية تسهم وتعمق الخطاب المعرفي والعلمي الفكري بشكل يتفاعل مع المستجدات الفكرية.
ومن أهم نشاطات وأغراض هذه المراكز:
ـ معالجة القضايا الفكرية المعاصرة وبيان الرأي فيها على نهج موضوعي، ونقد الانحرافات الواقعة في المجال الفكري ومناقشة أصحابها بعلم وعدل وموضوعية
ـ جمع المعلومات وتحليلها ومتابعة الأحداث الجارية وتقديم صورة واقعية عن تفاعلاتها وآفاقها المستقبلية.
ـ تقديم النصح والمشورة للمؤسسات والجهات ذات العلاقة بالبحوث للإستفادة منها في تطوير عملها.
ـ دفع عجلة العلم والمعرفة الى الأمام، والمساهمة الفاعلة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتطوير المجتمع على نحو أفضل.
ـ جمع وخزن وارشفة المعلومات السياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية المتعلقة بالتحولات والتطورات المجتمعية، فتشكل ذاكرة فاعلة للمجتمع.
ـ العمل على توفير قاعدة بيانات علمية رصينة من المعارف والعلوم الاجتماعية والإنسانية تفيد أصحاب العلاقة، والتعبير عن آمال الأمة وفق منظور علمي يعبر عن ثقافة الأمة وتطلعاتها.
ـ رصد الحالة الفكرية وتوضيح قضاياها الفاعلة وتقديم الرؤى العلمية تجاهها، واغناء المواقع المعرفي بمستحدثات فكرية عميقة، والمساهمة في تشكيل الوعي المسؤول للمجتمع.
ـ تقديم الاراء والمشورة والتوصيات المتعلقة بسياسات الدولة الداخلية والخارجية.
ـ نشر البحوث وإصدار الدراسات ونشر الكتب التي تتضمن آخر التشاطات الفكرية، وإقامة الندوات والمحاضرات والدورات المختلفة.
ـ العمل على إشاعة وتعميم المنجزات العلمية وتطويرها حتى تصبح متاحة على المستويات التطبيقية المختلفة
معوقات في طريق مراكز الدراسات والبحوث
ابرز العوامل التي قد تؤدي الى ضعف وتغييب دور مراكز الدراسات والابحاث.
ـ عدم وجود قانون ينظم عمل هذه المراكز، فيمكن تأسيس هذه المراكز بشكل كيفي كما هو الحال في العراق.
ـ عدم قيام الحكومات العربية تخصيص نسبة مالية من موازنة المؤسسات للبحث العلمي لاسيما الاكاديمية منها. وقد أشارت منظمة اليونسكو الى أن " مخصصات العالم العربي واحد في الألف من الدخل القومي، ونسبة التمويل العربي للبحث العلمي تتراوح بين 0.1% و0.3% من إجمالي الناتج المحلي لمعظم الدول العربية".
ـ محدودية مساحة الحرية التي تقدمها الأنظمة لهذه المراكز، فهي تدعم عادة المراكز التي تتوافق مع سياستها، وتُضيق على المراكز المستقلة أو المعارضة لسياستها.
ـ تَغلب النزعة الدينية والعنصرية والطائفية على العديد من هذه المراكز، وهذا ما يتعارض من الهدف من تأسيسها.
ـ لا يوجد تنسيق وتناغم وربما إتصال بين هذه المراكز، وهي بحاجة الى مركز يستقطب المراكز الوطنية على أدنى تقدير، لتحقيق نوع من التكامل المعلوماتي، بما يخدم الجميع، ويساهم في تطويرها.
ـ صعوبة توفر الوثائق والبيانات الرسمية، حيث تخشى الحكومات من تسرب الوثائق الى هذه المراكز علاوة على صعوبة الحصول على الكتب والمصادر والدوريات، سيما ان بعض الحكومات تضع قيودا على الكتب الواردة للبلاد.
ـ خلط الأوراق، فبعض هذه المراكز لا قيمة لها مطلقا، في الوقت الذي تحظي بعض المراكز بأهمية قصوى، مما يضيع الفرصة على القاريء لتمييز جودة هذه المراكز إدراك أهمية هذا الحقل وتأثيره في المعرفة.
ان معظم مراكز البحوث والدراسات في العراق تثير الغربة، فهي الأبعد عن العلوم والمعارف والمنهج التحليلي والاستقرائي، بل بعيدة عن المنطق السليم، فبإستثناء بعض الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي مثل د. يحى الكبيسي مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، والسياسي المعارض احمد الأبيض والأكاديمي د. أياد العنبر والسيد نجم القصاب رئيس مركز المورد للدراسات والإعلام، ود. إحسان الشمري. رئيس مركز التفكير السياسي. والسيد نزار حيدر مدير مركز الاعلام العراقي والسيد منقذ داغر رئيس المجموعة المستقلة للبحوث. والسيد باسل حسين رئيس مركز كلواذا للدراسات.
ما عداهم لا تجد مركزا يفيد المتابع للشأن السياسي العراقي غير هذه النخبة الممتازة في طروحاتها.
بل ان بعض المركز تمتاز بالطائفية والعنصرية بشكل مثير. والأطرف منه انه لا توجد كوادر فيها، بل متحدث واحد، وهذه حالة يرثى لها لأنها تعبر عن إفلاس معرفي، بل وأخلاقي، ومن هؤلاء:
هاشم الكندي. رئيس مجموعة النبأ للدراسات الاستراتيجية.
طارق المعموري. رئيس مركز نحو الغد للدراسات الاستراتيجية.
خالد السراي رئيس المرصد الوطني للاعلام.
حيدر البرزنجي رئيس منظمة حوار.
عدنان السراج. رئيس المركز الاعلامي للتنمية الاعلامية.
عباس العرداوي. رئيس مركز إرتقاء للبحوث والدراسات.
لو تابعت أي منهم ستجد ان الرجل العامي يمكنه ان يعبر بطريقة أفضل منهم، فهم غير قادرين على تحليل المعلومات ولا يجيدوا اللغة العربية، ولا يمكنهم ان يستشهدوا بما ورد في القرآن او السنة النبوية أو أقوال المشاهير من الفلاسفة والعلماء مما يدل على فقر معلوماتهم، أو ضحالتها، علاوة عل النفس الطائفي المقزز بحجة نصرة المذهب او الدفاع عن الطائفة. بل بعضهم يعبر عن مصالح ايران وليس العراق، وهذه كارثة.
ينطبق عليهم قول المتنبي:
إِنْ مَاتَ مَاتَ بِلا فَقْدٍ وَلَا أسَفٍ ... أو عَاشَ عَاشَ بلا خَلْقٍ وَلَا خُلُقِ
(ديوان المتنبي بشرح العكبري2/359)
كلمة أخيرة
أقول للإطار التنسيقي الخاسر في الانتخابات: تذكروا القاعدة السياسية المهمة ( الخاسر لا يضع شروطا على الغالب).
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: