فكرة "المركزية الاسلامية" بين صراعات الصحابة وتجربة إيران والجماعات الجهادية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 313 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هذه تدوينة في أصلها رد على السؤال (*): ماذا أعني بمفهوم المركزية الإسلامية التي أكتب حولها، وهل هي التي تصارع حولها الصحابة، أم هي محور التجارب الحديثة
---------
المركزية الاسلامية بالمعنى الذي أقصده مفهوم دقيق لا يمكن تناوله في مقال صغير، لذلك أنا بصدد الكتابة فيه، وهناك كتاب كامل سيوضح ذلك
وكان سيكون الأمر أفضل لو كانت هناك فرص لملتقيات وندوات يقع فيها توضيح هذا المفهوم
لكن عموما يمكن القول:
- المركزية الاسلامية بالمعنى الحديث غير المركزية بمعناها الإسلامي الأول لتغير الظروف وطبيعة التحدي
- صراعات الاسلام الأولى بين عثمان وعلي وغيرهم من الصحابة، لم تكن حول المركزية الإسلامية على مستوى العالم، إنما كان المفهوم لديهم ضمنيا، فليس لهم وعي مباشر بالمركزية الاسلامية بدلالاتها الحديثة أي ضبط دوائر الواقع كله بالاسلام
بل تواصلت هذه الضبابية لحد الآن لدى المشتغلين بالإسلاميات، الذين يفترضون أن المجال المفاهيمي متجانس بل وإسلامي، بينما الحقيقة أن المجال المفاهيمي حاليا متأثر بمعاني المركزية الغربية، لذلك لاتثمر مجهودات الفعل الإسلامي لأنها لا تأخذ بعين الإعتبار أنهم يزرعون أرضا لم تعد حكرا عليهم ويخاطبون أذهانا وقع استيلابها من المغالب العقدي الغربي
- صراعات الاسلام الاولى كانت نوعا من ثورة مضادة تبنتها المنظومة القبلية وعلى راسها قريش ضد منظومة الإسلام الجديدة
ثم وقع تضمين تلك الصراعات العرقية وتفضيلاتها الدموية المصلحية، من زاوية المنتصرين أي قريش، في متون الإسلام وصيّرت تلك الآراء من الاسلام، ثم أفهمونا أن تلك الصراعات السياسية العبثية من الإسلام وعلينا الوقوف في إحدى الجهتين
أنا من رأيي أن بعض ما يقدم لنا أنه من الاسلام إنما هو مجرد آراء سياسية تعكس التمايز والعلو العرقي الدموي العربي والقريشي تحديدا، الذي يرفضه الاسلام
- حديثا، هناك محاولات لإنشاء مركزية إسلامية، وأهم محاولتين تنظيريتين هما لحزب التحرير والأخرى للجماعات الجهادية
بينما الإخوان المسلمون لايحمل مشروعهم فكرة مركزية إسلامية، أو قل لم يكن لهم الوضوح الكافي للفصل المنهجي بين مستويات مشروعهم، بحيث انتهى بهم الحال لمكون أخلاقي ذي أفق فردي، يتبنى تأسيسات الواقع ويدور حولها، لذلك هم يقولون عن أنفسهم أنهم جماعة إصلاحية ولم يدعوا أنهم جماعة ثورية
فليس للإخوان المسلمين وتفريعاتهم مشروع يتناول المركزية العقدية لذلك هم الآن يتبنون المركزية الغربية ويقبلون بالدوران حولها، بما في ذلك "النهضة" التي تقبل بالتأسيس الحديث لتونس الذي وضعت أسسه فرنسا
والإخوان في الأردن والمغرب الذين يقبل كل منهم أن يُدار من حاكم يوظف الإسلام بزوايا عرقية دموية منحطة
- إيران تمثل أيضا تجربة تقدم فهما لفكرة المركزية الإسلامية المغالبة للمركزية الغربية، وهي تمثل حاليا التجربة الوحيدة الناجحة ببعض المعاني، لكن مشروع إيران يحمل بصمات شيعية عرقية فارسية لايمكنه أن يمثل نموذجا لباقي المسلمين
- بالنسبة لتجربة طالبان، فإنها لاتحمل بُعدا عالميا، إذ هي تقول بالاسلام كمنظومة محلية، ثم إن مشروعهم فقير فكريا لايمكن أن يغالب المركزية الغربية
- ما أكتب فيه أنا، شيى يأخذ الجيد من فكرة العلوّ العقدي لدى الجماعات الجهادية والتي أسس لها سيد قطب من جهة، والتمايز الاقليمي لايران، لكن فيه نقاط أخرى ذات عمق فكري
-----------
(*) كان ذلك في سياق سؤال من الصديق: Said Aboussaoud