حتى في الإنكار على الواقع يقع اعتماد محورية الأشخاص: نموذج للفهم الفاسد
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 238 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقال في معرض ذمّ توجهات واقعنا أنه مجتمع يُعلي من شأن التافهين من رياضيين وممثلين ورقّاصين
وذلك عوض أن يقع الاعلاء من شأن علماء الاسلاميات والدعاة
هذا كلام ظاهره سعي لاصلاح حالنا، لكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك:
- الإنكار اعتمد على محورية الأشخاص وليس على محورية الفعل وفكرته، والبديل اعتمد على محورية الشخص وليس على محورية الفعل وفكرته
- هذا يعني أن المشكلة ليست مع فعل الانحراف ولا فكرته وإنما مع الأشخاص الذين يقومون به، أي أنه لا يوجد رفض للإنحراف كفكرة
وهذا التصور يعني أن الرقاصين والرياضيين كأنهم يقررون لوحدهم في فراغ تلك الأنشطة من دون وجود منظومات تتحكم وتدير الواقع وتوجههم كلهم لأهداف معينة
لذلك لايقوم أصحاب الادراك السطحي المبني على محورية الأفراد، بالتعامل مع الواقع في مستوى منظوماته وينكرون وجود المنظومات، لأنهم لايدركون من الدنيا إلا أنها أفراد متناثرون
ثم بالتوازي فإن من يقدم البديل أي العلماء الصالحين، يعني أن البديل ليس الفكرة الجيدة لذاتها وإنما مايهم هو نوعية من الأشخاص ممن يعتقد أنهم قدوات أي العلماء
- هذا التصور المبني على محورية الأشخاص عوض محورية الفكرة يجعل الفرد مدخلا لتحريف الفكرة، وفي النتيجة لا فرق بين من يُعلي من شأن راقص وبين من يُعلي من شأن مشتغل بالاسلاميات من حيث الخطأ المنهحي، إذ كلاهما لايقيّم الفكرة وإنما يقيم الأشخاص ويتخذهم قدوات ثم من خلالهم يفهم الفكرة، وكلا الصنفين يمكن توجيهه ذهنيا من خلال التحكم في الشخص قدوته
بالتالي لايوجد فرق كبير بين من يتخذ الرياضيين والغنّائين قدوة وبين من يتخذ مشائخ آل سعود أو عموم مرتزقة الدين ممن يدور حول السلطات قدوة، فكلاهما مجرد أداة للتعمية عن الواقع، مع فرق أن أحدهما يوظف الرقص بينما الآخر يوظف القرآن وعلومه، وأحدهما يتلاعب بعامة الناس بينما الآخر يتلاعب بمحترفي التدين الشكلي
وحتى الذي يتخذ عالما صالحا قدوة فإنه لايملك القدرة على معرفة مدى التزام قدوته ذلك بالفكرة، لأنك فضلت أن لاتتعامل مع الفكرة وإنما مع عينة من ممارستها، فأنت هنا خلقت حاجزا بينك وبين الفكرة في محتواها الأعلى
- نحن علينا أن ندرك أن مشاكلنا فكرية تصورية، ودلالة ذلك في هذه الحالة أن لا نحاجج الواقع بناء على جدارة الأشخاص لأنه لا يمكننا التيقن من علاقتهم بالفكرة، بل علينا أن نحاجج القدوات بالأفكار ونَزِنَهم دوريا بمسطرتها