لماذا علينا النظر في وجوب تأسيسات سياسية وفكرية جديدة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 118 محور: تفكيك منظومة فرنسا
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تصور قرية ورث أهلها عن جدهم سيارة قديمة فرنسية الصنع، ولطالما استعملها الجد، ثم ورثها عنه أبوهم ولطالما أخضعها لتصليحات حتى لم تعد تحتمل المزيد
ثم ورثها الأحفاد فكانت كومة "خردة"، متعطلة لاتكاد تصلح لشيىء
لكن الأحفاد ولسبب ما، ورغم إمكانياتهم المادية بل ورغم مستوياتهم التعليمية العليا، بقوا متشبثين بتلك "الخردة"، ولم يستوعب أي منهم بداهة فكرة وجوب التخلص من تلك السيارة القديمة التي فرضت على جدهم منذ عقود حينما كان يشتغل تحت سلطة مستوطن فرنسي استقدم لتونس لاستغلال أراضينا فترة الاحتلال الفرنسي لنا
-----------
الفواعل السياسية والفكرية التونسية التي تنشط وتقول كل شيىء وتناقش كل شيى وتعيد النظر في كل شيى حتى في وجود الخالق، لكنها لا تقول ولاتقترب من الدعوة لاعادة النظر في السقف الفكري والعقدي أي المركزية العقدية الضابطة لتونس منذ عقود، مثلهم كمثل الأحفاد الذين يتعاركون حول "خردة" ورثوها عن جدهم الذي فرضت عليه، وتعجز عقولهم عن إدراك بداهة العقم الفكري الذي يقبعون فيه
هؤلاء الذين لاينتبهون لوجوب مراجعة مافرض علينا منذ عقود في غفلة منا، ويفترضون أن الأسس العقدية والفكرية لواقعنا سليمة، إنما يعانون من ضعف منهجي وفكري، فهم أقل من أن يصبحوا قدوات للتونسيين
لايجب أن يعتدّ بأي نشاط سياسي أو فكري لاتكون أول أهدافه مغادرة المركزية العقدية الغربية المؤطرة منذ عقود للمجال المفاهيمي ولأدوات التشكيل الذهني (تعليم، ثقافة، إعلام)، والتي أسستها فرنسا وأخضعتنا لها من خلال منتسبيها
----------
هناك مؤشرات بسيطة بوجودها يمكن فهم أنه حصل تغير لدى الفواعل الفكرية والسياسية، منها:
1- إن وقعت الدعوة لإنهاء تدريس اللغة الفرنسية كلغة رئيسية في مختلف مراحل التعليم
2- إن وقع تحرير المساحات العامة من استعمالات اللغة الفرنسية، وتجريم أي ملصق اشهاري يكون بالفرنسية ويكون في مساحة عامة
3- إن وقع إلغاء فرض تدريس البرامج الفرنسية بالمدارس الخاصة التونسية
هذه بعض المؤشرات البسيطة، إن حصلت فهي دليل على اتجاه سليم ولكنها بالطبع لن تكفي
في غياب تلك المؤشرات أو مايشابهها، فإنه يجب النظر في وجوب تأسيسات سياسية وفكرية جديدة خارج الأطر التنظيمية الموجودة، لأن الموجود حاليا تشكيلات حزبية وتنظيمات مهما تنوعت خلفياتها المزعومة، تخدم المغالب العقدي، من خلال تكريس أسس الواقع والاقناع بكره الذات والدونية وأننا لاشيىء، وبجدارة التبعية لفرنسا والغرب عموما