كيف نقيّم الأشخاص: الأفعال تقيٌم على حسب الممكن وليس على حسب المنجز
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 364 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
افترض اثنين أحدهما له شاحنة والآخر له دراجة هوائية، وقد احتجنا لجلب متاع خفيف ثم بعدها احتجنا لجلب متاع ثقيل
الاحتياج الاول استجاب له صاحب الدراجة وصاحب الشاحنة
الاحتياج الثاني لنقل الاثقال الكبيرة، لم يستحب له أي منهما، علما أن الشاحنة قادرة على نقل تلك الأثقال بينما تعجز الدراجة عن ذلك
الان لنتأمل التقييم التالي:
هناك من يساوي بين الاثنين صاحب الدراجة وصاحب الشاحنة باعتبارهما شاركا سويا في الاستجابة والرفض، لكنها مساواة لاتنظر لفارق الامكانيات
----------
هذه الأحكام في الحقيقة مغالطة، لأنها تقيّم الفعل في المطلق وليس نسبة لكل منهما وإمكانياته
بينما علينا ان نقيم حسب ماهو ممكن لموضوع التقييم، وتكون نسبة الإنجاز قسمة المنجز على الممكن نظريا
أي أن الدراجة لاتستطيع حمل إلا أثقالا صغيرة وقد حملتها، فتقييمها يكون المنجز على الممكن نظريا وهو واحد على واحد، فهو إنجاز كامل أي مائة بالمائة
بينما الشاحنة الكبيرة فإن الممكن لها إثنان على حالتين، لكنها انجزت واحدا فقط على اثنين، فيكون الإنجاز خمسين بالمائة
إذن الدراجة أفضل كفاءة ومردودية من الشاحنة
----------
لماذا كل هذا الكلام ومالمقصود به
إنه رد على من يذكرنا أن علماء الزيتونة رفضوا افطار رمضان الذي أعلنه بورقيبة كمحاولة لتثبيت انجازات متخيلة لهم، هؤلاه مثلهم كمثل من يفتخر بكون شاحنة نقل ثقيل حملت ثقلا يساوي بضع كيلوغرامات، وهذه مغالطة
أو من يذكر أن الشعراوي قال مرة ل"مبارك" اتق الله، أو غيرها من هذه المواقف
أي أن أمثال هؤلاء المستؤمنين على مؤسسة الزيتوتة بثقلها التاريخي، كان يفترض منهم ممكنات أخرى من مستوى آخر
كان يفترض ممن ورث مؤسسات الزيتونة تأسيس دول ومركزيات عقدية كاملة وإزالة الإحتلال الفرنسي من مناطق كاملة وليس من تونس فقط، فلا قيمة إذن لمواقف سائبة من بعضهم غير مؤطرة ولا تأصيل فكري لها، من تلك التي تنقل عنهم ليجعلوا منها موضوع إعلاء من ذكرهم
ولو أردنا التتبع فإن نسبة الإنجاز لرموز الزيتونة فترة الإحتلال الفرنسي، حينما نجمع كل أفعالهم الجيدة مما نقلت إلينا، تبقى صغيرة مقارنة بما كان ممكنا، ولو قسناها أستبعد أنها تجاوز العشرين بالمائة
-----------------