فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 708 محور: تفكيك منظومة فرنسا
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يحدث أن بعضهم حينما يستدعي شخصا في معرض المدح يذكر خصالا لسبب ما يتصور أنها جيدة، بينما هي ليست كذلك
فالذي يقدم شخصية بقول: "كان فلان هيّنا ليّنا"، يجب عليه أن يبرهن على أن اللين والتؤدة أمر جيد دوما، خاصة حينما يكون شخصية سياسية، وإلا فإنك بصدد ذمه والقدح فيه
واقعنا ما أهلكه إلا هوان هؤلاء ولين الكثير ممن تصدى للشأن العام
ثم إن البعض ممن يذكر العالم الطاهر بن عاشور الآن في مناسبة وفاته، يقول في معرض مدحه، إنه كان إصلاحيا مع صفات أخرى لاتبعد عن ذلك مثل أنه كان مبتعدا عن السياسة وغيرها من الكلام المشابه
هذا كله ذم للطاهر بن عاشور من حيث أرادوا مدحه
تونس تعرضت لعملية اقتلاع عقدي من فرنسا ومنتسبيها الذين حكمونا منذ عقود، ووُضع البناء النظري المؤسس لعمليات الإلحاق بالمركزية الغربية، ووظفت أدوات الإخضاع الذهني كلها بما فيها القانونية لتسريع هذا الفعل الاقتلاعي لمصلحة الغير المغالب
مايوجد في تونس حاليا ومنذ حكم منتسبي فرنسا أي زمن بن عاشور، لايمكن إصلاحه، لأن الاصلاح يتحرك في تفاصيل الموجود من دون المس بأسسه النظرية، وأن تكون إصلاحيا ذلك يعني أنك تقر بصوابية البناء المؤسس للإلحاق بالغرب ولاتعتبر فرنسا قامت بأي خطأ أو تغيير على المركزية المؤطرة للتونسيين، لكن هذا غير صحيح فتونس شهدت تحويلا لمركزيتها العقدية من الإسلامية التي كانت على علاتها تضبط التونسيين نحو المركزية الغربية ومجالها المفاهيمي، الذي يغذي حاليا أدوات الإخضاع الذهني من تعليم وتثقيف وإعلام
تونس يلزمها هدم واعادة بناء أي ثورة، وليس إصلاحا، أي التحرك في الموجود
تونس لايمكن إنقاذها إلا بهدم البناء النظري المؤسس لأن الإبقاء عليه يعني قبولا بمواصلة التحرك في أفق المركزية الغربية التي دفعنا إليها قسرا منذ عقود
فبن عاشور الاصلاحي يعني بن عاشور قابل بالتبعية للغرب أو أنه عاجز عن إدراك الواقع ولم يستوعب أننا تعرضنا لعملية تحويل للمركزية العقدية الضابطة لنا