الذين يتجادلون حول المعتزلة والأشعرية، هل يعيشون معنا ؟
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 282 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هؤلاء الذين يجدون الهدوء الذهني لكي يتدارسوا قضايا فكرية تتعلق بالأشعرية والمعتزلة وأهل السنة والجماعة واستشهاد الحسين وأولوية معاوية بالحكم
ولعلي أحسدهم على فراغ بالهم وانعدام القلق من الواقع وطمأنينتهم إليه بحيث ينشغلون عنه بقضايا مستوردة من التاريخ
كم أود أن أعرف المسطرة التي يقيم بها هؤلاء الواقع وكيف تعمل آليات الفهم لديهم، لأن ما يفعلونه غريب
يتجاهل هؤلاء واقعنا القابع منكسرا تحت تحكم المركزية الغربية منذ أكثر من قرن ويتجاهلون أن المركزية الاسلامية التي عمرت أكثر من ألف عام وحكمت العالم اندثرت، وأن الاسلام لم يعد الآن إلا مجرد ثقافة يتنادى لها الناس في مناسبات دورية من دون أي أثر في حياتهم، لايرتبطون بالإسلام إلا كما يرتبط أهل القبيلة بقبيلتهم، أي مجرد انتماء هووي وثقافي
ولايدرك هؤلاء أن واقعنا حاليا لايضبطه الاسلام، مما يعني أن العديد من المعارف الاسلامية أساسا لم تعد ذات معنى لغياب موضوعها، لأن عامة علوم الاسلام إنما أسست بفرضية أن الواقع تحكمه مركزية إسلامية، وهذه الفرضية لم تعد صحيحة، ما يؤدي لحقيقة أن العديد من علوم الاسلام ومفاهيمها لامعنى لها الآن ما لم يعد بناء المركزية الاسلامية مرة أخرى، مثل مفاهيم ولي الأمر ودار الإسلام ودار الكفر وغيرها الكثير
ويتجاهل هؤلاء أو لايدركون أن من يغالبنا وهي المركزية الغربية تحكمها أنساق ومنظومات فكرية طبيعة موادها غير ما عرفه تاريخ الفكر والفلسفة الاسلامية وقضاياه التاريخية
أي أن التصدي لمغالبات المركزية الغربية حاليا في المستوى الفكري والفلسفي لن يفيدنا فيه كثيرا أو قليلا تصنيفات المعتزلة والاشعرية ولا السنة والجماعة ولا استدعاء استشهاد الحسين وأولوية معاوية بالحكم
نحن الآن لدينا معارك من نوع آخر ويلزمها فكر من نوع آخر
فلماذا إذن هذا الولع بتبذير الطاقات في مسائل لاتفيدنا في شيىء