فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 399 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لسبب ما لا أفضل الكتابة الساخرة على شبكات التواصل ولا تروق لي، خاصة حينما يسرف البعض في استعمالها ويحولها لنمط الكتابة الدائم لديه
- الكتابة الساخرة لاتسمي الأشياء والأسماء مباشرة وبوضوح وإنما تقوم بتورية، فهي بذلك تكرس منطق التملص من المسؤوليات المعنوية حتى في مستواها البسيط، وتخلق قدسية لموضوع النقد
- الكتابة الساخرة تتعامل بمنطق تمييع وتسطيح المسائل، فهي تتحرك بمعاني التشويش على الفهم والنظر العقلي الجاد للواقع، مما ينتهي للمحافظة عليه
- الكتابة الساخرة تشخصن كثيرا الواقع وتركز على نقد الأفراد في جوانبهم الشخصية والخلقية (قبيح المنظر، لاتتقن العربية، طلق زوجته، له قضية أخلاقية.....) وهذا ينتهي لتتفيه مسائل الواقع وقضاياه التي تنبني على خلفيات عقدية وفكرية وليس على اعتبارات شخصية
- الكتابة الساخرة حينما تتحول لنمط دائم، تخلق مساحة ذهنية وسيطة تتحدث عن الواقع ولكنها ليست الواقع، وهذا يجعل الواقع ورموزه كأنه صعب المنال وذا قدسية، مما يعمل في اتجاه خلق حواجز نفسية عوض أن تكون الكتابة في اتجاه هدم مرجعية الواقع ورموزه
- الكتابة الساخرة تفريع من عقلية ساخرة ترى أن الواقع لايستحق التعامل معه بجدية، لذلك فإن هذه العقلية غير الجدية تنتح مواقفا أخرى غير محتويات الكتابة، منها:
1- استعمال اللهجة في الكتابة عوض اللغة العربية، اذ استعمال اللهجة سلوك يوحي أن الكاتب كأنه يقول مزاحا وليس يكتب أفكارا جدية ولسان حاله يقول لا تعاملوني بجدية، وإن جادلتهم في خطر استعمال اللهجة، سخروا وربما لم يستوعبوا ذلك لأن مسائل من نوع الهوية وصراع المركزيات العقدية أمور لا يريد هؤلاء الاقتراب منها بزعم أنهم ليسوا بهذه الجدية، لكنهم عمليا بصدد التحرك في مساحتها، فعدم إدراكك للخطر لايعني أنه لن يقع، فيكون معنى ذلك أن غياب الجدية ينتهي لمجهود يكرس الواقع وخطره الموجود
2- نشر وترويج المحتويات التافهة، فهم يغطون على فعلهم المذموم ذلك بأنهم يمزحون وأن الامر ليس جديا، وهم لايستوعبون أو لا يريدون الاعتراف أن الأمر سيان في مستوى نشر المحتوى أكنت جديا أو مازحا، فالمحتوى سيصل للغير وضرره سيلحقهم في كل الحالات
--------------
يمكن القول أن السخرية تبنى على عقلية لامبالاة وانسحاب وأن خطرها يكمن في كونها في الحقيقة إنما هي تنسحب فقط من اتجاه واحد من الفعل وهو التصدي للواقع وتغييره ولكنها لا تنسحب من اتجاه تكريس الموجود والمحافظة عليه
واقعنا لايتغير إلا بالجد والتناول المباشر للمسائل وتسمية الأمور بوضوح، وليس بالانسحاب والتورية وتغطية ذلك بالهزل