البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

"رفض التناول الأخلاقوي للفن": بحث في صوابية ودلالة هذا القول

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 503
 محور:  إسلام العقيدة

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يريد البعض جعل الفن مجالا استثنائيا لا يجب أن يطاله النقد أو الرفض، وهم لذلك يستعملون تبريرات تقول أن التعبير الفني لايصح تناوله بمعايير فهم عادية تقيّم بها باقي أنشطة الحياة، وهم ينقلون هذا الكلام بصيغة: رفض التناول الأخلاقوي للفن
سأنظر في ما يلي في صوابية هذا الرأي

1- الذي يقول برفض التقييم الأخلاقي المعياري للفن، إنما يقوم هو ذاته بتقييم معياري، وليس تقييمه المعياري بأولى من تقييم غيره المعياري لتساوي المرجحات، وذلك اعتبارا لأن رفض المعيارية هي معيارية مقابلة تحكم على المعيارية الأولى، فثبت إذن بطلان هذه القولة منطقيا
لكني سأواصل الرد على دلالتها من زوايا أخرى

2- التعبير الفني طريقة لنقل المعاني إلى الغير أو الآخر (1)، والفن هو مايطلق على فعل تبليغ المعاني المخصوصة بسمات معينة تعجز عنها طرق نقل المعاني الأخرى من كتابة وباقي الأفعال المادية (2)

3- التعبير الفني ما إن يخرج من مستوى التصورات الذهنية لعمل مادي، فإنه يقصد به التواصل بالغير وهو قصد ضمني أو مباشر واع لأن ذلك لازم إحداث الأثر المادي في الواقع، إذن الفن من حيث أنه إنتاج ذو أثر في الواقع، فإنه يراد به التواصل مع الآخر
ثم إن طلب التواصل لازمه تفاعل الآخر مع المحتوى الفني، وهذا المعنى كان هو الحاضر ابتداء لدى الفنان حينما أخرج المعاني من مستواها الذهني لتعبير يسمى العمل الفني

4- إذن تفاعل الناس مع العمل الفني موقف طبيعي، والتفاعل يمكن أن يكون باحتماليتين القبول أو الرفض، هذا يعني أن الذي يعترض على الآراء الرافضة لأعمال فنية ما، لايعترض عليها من حيث أنها آراء وإنما يعترض على اتجاهها ومحتواها الرأيي، ودليل ذلك أنه يقبل آراء أخرى حينما وافقته
ثبت إذن أن من يعترض على رافضي فنه إنما يعترض على حريتهم في اتخاذ رأي من عمله، فموقفه ذلك تعسف على حرية الغير في إعطاء رأيهم ومحاولة لإخماد ذوقهم الفني

5- تقييم التعبير الفني يكون كأي عمل بشري، فيمكن أن يقيّم بمعايير ومن زوايا متعددة وليس في ذلك أي تناقض، ولايوجد لازم يجعل الفن يخضع وجوبا لتقييم واحد فقط وفني تحديدا، كما يقول الذين يعترضون على رفض أعمالهم بزعم وجوب عدم اخضاع العمل الفني لتقييمات أخرى غير التقييم الفني
أولا لأنه لايوجد لازم يوجب ذلك، أي لايوجد شيىء ما عقلي يقول بذلك، إنما ذلك الإدعاء مجرد مصادرة وتحكم ذاتي، فلا قيمة له ولايصح التوقف عنده لغياب قيمته التبريرية
ثانيا أي عمل بشري يمكن أن يُقيّم من خلال زوايا متنوعة على حسب الحاجة إليها، فمثلا أحدهم يريد إنجاز بناية بمدينة، فإن ذلك العمل يجب أولا أن يقيّم تقنيا من خلال مهندسين، فهذا تقييم تقني من أصحاب الاختصاص للتأكد من الصوابية الذاتية والداخلية للعمل، وهذا "التقييم التقني" يعادل التقييم الفني للتعابير والأعمال الفنية

ثم رغم أن البناء صالح تقنيا، فإنه يجب أن يحصل على رخصة البناء في مساحة عامة فيجب إذن أن يخضع لتقييم آخر من زاوية أخرى ولاعتبارات أخرى تتعلق بالمجال العام، قد تنتهي برفض ذلك البناء الذي كان مر بمرحلة المصادقة خلال التقييم الفني التقني
وهذا ما يحصل مع الفن حينما يناقش من زوايا أخرى غير الزاوية الفنية البحتة، وهو نقاش يثار تحديدا حينما يكون ذلك العمل الفني مروجا لمعاني تتحرك في مجال مفاهيمي يدور في أفق المركزية الغربية المغالبة، لأن أي عمل ثقافي / فني حينما ينشط في المجال العام يتحول ضمنيا لأداة ترويج لمعاني المركزية العقدية التي يتغذي منها ذلك العمل الفني
فهذا نقاش يتعلق بالمجال العام ومن زاوية أخرى غير الزاوية الفنية، ووجود هذا التقييم الثاني لايلغيه وجود التقييم الأولي الفني، فلا نقول مادام العمل صوابا ومقبولا فنيا فلايجوز النظر في جدواه وخطره على المجال العام، هذا كلام تحكمي لايحمل أي جدارة

6- استعمال تركيب "أخلاقوي" عوض أخلاقي فيه تزيّد لغوي بدلالة التحقير والاستنقاص، فهو عدم اعتراف بالرأي المخالف المعترض على ذلك العمل الفني، وهو أكثر من هذا عدم اعتراف بأحقية مركزية عقدية مخالفة لضبط الواقع وهذا هو أصل التنازع
أي أن استعمال هذا المصطلح يكشف عن عداء للمرجعية المعتمدة كخلفية للرفض وهي المركزية الاسلامية، وهذا يؤكد الرأي القائل أن تلك الاعمال الفنية المعترض عليها تمثل لدى أصحابها والداعمين لها، أكثر من مجرد عمل فني وإنما هي أدوات للترويج لمجال مفاهيمي مغالب ثم الاقناع بجدارة المركزية الغربية والإلحاق بها، وهذا يجعل تلك التعبيرات الفنية ذات أدوار ايديولوجية مشبوهة

-------------

(1) استعمل الغير والآخر بنفس الدلالة، وإلا فإنه إن أردنا الدقة يوجد فرق بينهما، يمكنني تعريف ذلك كالتالي:
- الغير هي النفي المنطقي للأنا، أي كأننا نتعامل مع مجموعة عددية، ويكون الغير هو باقي المجموعة باستثنائي أنا
فالغير تحديد عددي
- الآخر، هي النفي القيمي المعياري للأنا، أي ينظر للناس كمجموعة ذات انتماء معياري (مسلم، حداثي، ذكي، نساء، عرب...)، ويكون الآخر هو من ليس منتميا لتلك المجموعة
فالآخر تحديد قيمي معياري

(2) ينظر لمقال: توظيف الفن أداة للإخضاع الذهني
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10946

*******************

فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
"رفض التناول الأخلاقوي للفن": بحث في صوابية ودلالة هذا القول


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-08-2023  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء