استدعاء غير موفق للتاريخ: الحلاج، ابن المقفع وابن رشد
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 347 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هؤلاء الذين كل مرة يقع فيها استهداف صاحب رأي، يذكّروننا بالحلاج ، وبابن المقفع وبابن رشد، ثم ينهون بضمنية لا تناقش أن تاريخنا ملطخ باستهداف أصحاب الرأي، إنما يسيؤون لنا ولتاريخنا
1- حوادث العسف بأصحاب الرأي ليست حصرا على التاريخ الاسلامي، فكل الشعوب بها حوادث بل ومساحات زمنية متصلة طورد فيها أصحاب الرأي
2- إن أردنا الموضوعية بتناول المراحل التاريخية للشعوب التي كانت أشد تعقبا وقهرا للمخالفين، بحيث تكون نماذجا أكثر تمثلية لفعل المطاردة من أجل الرأي، فإننا سنجد التاريخ الأوروبي أكثر تعبيرا عن هذا الموضوع
يمكن تتبع تاريخ أوروبا الذي قتل فيه الملايين، إيْ نعم ملايين في تعارك الطوائف المسيحية فيما بينها من أجل الرأي لمجرد الرأي، ثم الملايين من المسلمين بالأندلس الذين كانوا موضوع مطاردات وتقتيل بشع تفنن في أساليبه وفي آلات القتل التي صنعت من أجله، وكان هذا طيلة قرون
هذا التقتيل وهذه المطاردات من أجل الرأي، لم تعشه أي رقعة أخرى في العالم من حيث الاتساع الزمني والاتساع الجغرافي والبشاعة
وجدير بتلك الأحداث الفظيعة أن تذكر كل حين في مضرب مثل المطاردة من أجل الرأي وأن تذكر في معرض التذكير بالهمج ممن قام بها وهم الأوروبيون
3- أن يقع تجاهل التجارب العالمية الأشد قساوة في موضوع مطاردة أصحاب الرأي وتتجاهل خاصة الحالة الأوربية الأفظع ولا تستدعى كنموذج سوء، ثم يقع التركيز على تجارب منتقاة منعزلة من تاريخنا العريض، يؤكد وجود قصد الاساءة لماضينا بتصويره مظلما كالحا وبتعميم فترات زمنية قاتمة على المجال الكبير
هذا الاستدعاء التاريخي المسيىء يمثل عينة من طعنات المتحكمين في أدوات التشكيل الذهني من بيننا (مدرسو الجامعات في حقل الانسانيات خاصة) من هؤلاء كارهي ذواتهم ذوي الانتماءات الدائرة في أفق المركزية الغربية، والذين تسللوا بيننا وفتح لهم المجال لزرع سمومهم حتى انتشرت وتحولت لمسلمات لدى الكثير ممن يستعمل تلك الاستعارات التاريخية من دون مراجعة